للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥١ / دعاءُ الغَمِّ وَالهَمِّ وَالحُزْنِ

إنَّ العبدَ في هذه الحياة قد يُصاب بآلام متنوِّعَة، وقد يَرِدُ على قلبه واردَاتٌ متَعدِّدةُ تؤْرِق قلبَه وتُؤْلِمُ نفسَه، وتَجلبُ له الكدَرَ والضِّيقَ، فإن كان هذا الألَمُ الذي يُصيبُ القلبَ متعلِّقاً بأمور ماضية فهو حُزنٌ، وإن كان متعلِّقاً بأمور مستقبَلَة فهو هَمٌّ، وإن كان متعلِّقاً بواقع الإنسان وحاضره فهو غَمٌّ، وهذه الأمور الثلاثة الحزنُ والهمُّ والغَمُّ إنَّما تزول عن القلب وتَنْجَلي عن الفؤاد بالعودة الصادقة إلى الله، وتَمام الانكسار بين يديه، والتَّذَلُّل له سبحانه، والخضوع له والاستسلام لأمره والإيمان بقضائه وقدره ومعرفته سبحانه، ومعرفةِ أسمائه وصفاته، والإيمانِِ بكتابه، والعناية بقراءته وتدبره والعمل بما فيه، فبذلك لا بغيره تزولُ هذه الأمور، وينشرح الصَّدرُ، وتتحقَّق السَّعادة.

جاء في المسند للإمام أحمد وصحيح ابن حبان وغيرهما عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "مَا قَالَ عَبْدٌ قَطُّ إِذا أَصَابَهُ هَمٌّ أَوْ حُزْنٌ: اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدُكَ وابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكِ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ القُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجَلاَءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلاَّ أَذْهَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هَمَّهُ، وَأَبْدَلَهُ مَكَانَ حُزْنِهِ فَرَحاً. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَعَلَّمَ هَؤُلاَءِ الكَلِمَاتِ. قَالَ: أَجَلْ، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهُنَّ أَنْ يَتَعَلَّمَهُنَّ "١.


١ مسند أحمد (١/٣٩١) ، وصحَّحه الألباني ـ رحمه الله ـ في السلسلة الصحيحة (رقم:١٩٩) ، وانظر في شرح هذا الحديث الفوائد لابن القيم (ص:٤٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>