للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول في القياس وما يتصل به]

[مدخل]

...

[القول في القياس وما يتصل به]

اعلم أن أحكام الشرع مأخوذة من وجهين: وجه سمع ووجه معقول.

فأما السمع فعلى ثلاثة أضرب كتاب وسنة وإجماع وقد استقصينا شرح أقسامها وأحكامها.

وأما المعقول فالقياس وقد قيل: إن القياس على ضربين عقلى وشرعى.

فالقياس العقلى ما استعمل في أصول الديانات

والقياس الشرعى ما استعمل في فروع الديانات ومعنى ذلك ما ورد التعبد من الأحكام.

وقد ذكر كثير من أصحابنا في ابتداء الكلام في القياس مسألة في القياس العقلى وذكروا الخلاف في هذه المسألة بين الأصوليين وبين عامة المجتهدين أهل الرواية وأهل السلامة من الفقهاء فالأصوليين من المتكلمين وسائر من تبعهم أثبتوا القياس العقلي وأمروا به وزعموا أنه معرفة أهم الأشياء وزعموا في حده أنه رد غائب إلى شاهد ليستدل به عليه وأما أهل الرواية وعامة أئمة الحديث وكثير من الفقهاء اختاروا السلامة في هذا الباب وسلكوا طريقة السلامة ونهوا عن ملابسة الكلام وطلبوا الحق بطريقة وزعموا له علم يحدث وفن يخترع بعد انصرام زمن الصحابة والتابعين وأنكروا قول أهل الكلام في أن أول ما يجب على الإنسان النظر. وقالوا: إن أول ما يجب على الإنسان هو معرفة الله تعالى على ما ورد به الإخبار ولو قال الكافر: أمهلونى لأنظر وأبحث فإنه لا يمهل ولا ينظر ولكن يقال له أسلم في الحال وإلا فأنت معروض على السيف ولا أعرف في هذا خلافا بين الفقهاء ونص عليه ابن سريج وقد ذكرنا في كتاب الانتصار لأصحاب الحديث واخترنا طريقة السلف وما كانوا عليه في هذا الباب ونقلنا عن عامة الأئمة ما يوافق ما اخترناه وذكرناه أيضا أنا لا ننكر من النظر بقدر ما أذن فيه الشرع على ما يوافق الكتاب والسنة وهذا الكتاب إنما قصرناه على محض أصول الفقه وليست هذه المسألة من باب أصول الفقه فلا معنى لذكرها فيها رجعنا إلى الكلام في القياس الشرعى فنقول قبل أن نشرع في إثباته: ان اثبات الشئ إنما يكون بعد معرفة معناه نذكر أولا الكلام فيما أخذ منه القياس من حيث اللغة ثم نذكر حده أما الكلام

<<  <  ج: ص:  >  >>