للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل: في ضروب القياس]

...

فصل

إذا عرفنا من يجوز له القياس وما يجوز فيه القياس فنقول لا شك أن القياس نظر شرعى لإثبات حكم شرعى إذا عرف أن النظر الشرعى أقساما فنقول:

القياس على ضروب وقد جعلها ابن سريج ثمانية أقسام ومن أصحابنا من زاد على ذلك ومجموع ذلك وجهان على ظاهر جلى وخفى غامض فالجلي الواضح ما يعلم من غير معاناة فكر١ والخفى الغامض ما لا يتبين إلا بإعمال الفكر والروية٢.

والجلى الواضح على ضربين:

المتناهى في الجلاء حتى لا يجوز ورود الشرع في الفرع بخلافه مثل قوله تعالى: {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء: ٢٣] وكقوله تعالى: {مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} [فاطر: ١٣] وقوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} [آل عمران: ٧٥] وكقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ} [الزلزلة: ٨] ونحو هذا فإنه لا يجوز في المعقول أن يرد الشرع بتحريم التأفيف للوالدين وإباحة شتمهما وضربهما في تجويز تجويز ذلك إبطال النص من أصله وغير جائز أن لا يملكون من قطمير ويملكون ما فوق ذلك ولا أن يوفوا ثواب الذرة ويحرموا ما فوق ذلك

والضرب الثانى من القياس الجلى دون هذا في الوضوح والجلاء وكان بحيث يجوز


١ القياس الجلى هو ماقطع فيه بنفى تأثير الفارق بين الأصل والفرع من قياس الأمة على العبد فإن الفارق بينهما هو الذكورة والأنوثة ونحن نقطع بأن الشارع لم يفرق في إحكام العتق بين الذكر والأنثى وعرفه الآمدي بأنه ماكانت العلة فيه منصوصة أو غير منصوصة غير أن الفارق بين الأصل والفرع مقطوع بنفى تأثيره انظر نهاية السول "٤/٢٧" إحكام الأحكام "٤/٣" انظر أصول الفقه للشيخ محمد أبو النور زهير "٤/٤٥".
٢ القياس الخفى هو مالم يقطع فيه بنفى تأثير الفارق بين الأصل والفرع مثل: قياس القتل بالمثقل على القتل بالمحدد بجامع القتل العمد العدوان ليثبت وجوب القصاص في المثقل كما وجب في المحدد فإن الفارق بينهما وهو كون أحدهما مثقلا والآخر محددا لم يقطع بإلغاء تأثيره من الشارع بل يجوز أن يكون الفارق مؤثرا ولذلك قال أبو حنيفة رضي الله عنه: لا يجب القصاص في القتل بالمثقل وعرفه الآمدي بأنه ما كانت العلة في مستنبة من حكم الأصل انظر إحكام الأحكام "٤/٣" أصول الفقه للشيخ محمد أبو النور زهير "٤/٤٥".

<<  <  ج: ص:  >  >>