للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[السبب والعلة والشرط]

[السبب]

...

اعلم أن مما يكثر ذكره١ في أقوال الفقهاء ويرد في المسائل هو السبب والعلة والشرط ولابد من معرفة ذلك والفرق بين معانيها ومواجبها.

أما السبب:

فاعلم أن السبب في اللغة: اسم للحبل الموصل إلى ما لا يوصل إليه إلا بتعلقه به٢. ثم يسمى كل مبنى يتوصل به إلى مطلوب مرام باسم السبب بسببها بالحبل الذى يتدلى به من يوصل به إلى مرامه ومطلوبه مع أنه لا أثر للحبل في إيجاد ذلك المطلوب وتحصيله وإذا كان السبب في اللغة اسما. فنقول: حده ما يوصل إلى المسبب مع جواز المفارقة بينهما.

وقيل: إن السبب مقدمة يعقبها مقصود لا يوجد إلا بتقديمها فلا أثر لها فيه ولا في تحصيله٣ وهذا كالجبل سبب للوصول إلى الماء ثم الوصول بقوة النازح لا بالحبل


١ ثبت في الأصل "ذكر".
٢ قال صاحب القاموس المحيط: السبب: الحبل ونا يتوصل به إلى غيره انظر القاموس المحيط "٤/٨٠".
٣ عرفه السبكي: بأنه مايضاف الحكم إليه للتعلق به من حيث إنه للحكم أو غيره انظر جمع الجوامع ومعه شرح الجلال "١/٩٤".
وعرفه صاحب حاشية التلويح بأنه: مايكون طريقا إلى الحكم من غير تأثير وقال: وأما من جهة المعنى فقد قيل: هو دليل ينقدح في نفس المجتهد يعسر عليه التعبير عنه فإن أريد بالانقداح الثبوت فلا نزاع في أنه يجب عليه العمل ولا أثر لعجزه عن التعبير عنه وإن أريد أنه وقع له شك فلا نزاع في بطلان العمل به وقيل: هو العدول عن فياس إلى قياس من أقوى وقيل: تخصيص لقياس بدليل أقوى عنه فيرجع إلى تخصيص العلة. وقال الكرخى رحمه الله: هو العدول في مسألة عن مثل ماحكم به في نظائرها وإلى خلافه بوجه هو أقوى ويدخل في التخصيص والنسخ.
وقال أبو الحسن البصري: هو ترك وجه من وجوه الاعتماد غير شامل شمول الألفاظ بوجه أقوى منه وهو في حكم الطارئ على الأول واحترز بقوله: غير شامل عن ترك العموم إلى الخصوص وبقوله: وهو في حكم الطارئ عن القياس فيما إذل قالوا: تركنا الاستحسان بالقياس وأورد هذه التفاسير إن ترك الاستحسان بالقياس يكون عدولا عن الأقوى إلى الأضعف وأجيب بأنه إنما يكون بانضمام معنى آخر إلى القياس يصير به أقوى ولما اختلفت العبارات في تفسير الاستحسان مع أنه قد يطلق لغة على مايهواه الإنسان ويميل إليه وإن كان مستقبحا عند الغير وكثر استعماله في مقابلة القياس على الإطلاق كان إنكار العمل به عند الجهل بمعناه مستحسنا حتى يتيبن المارد منه إذا لاوجه لقبول العمل بما لا يعرف معناه وبعد ما استقرت الآراء على =

<<  <  ج: ص:  >  >>