للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل: مسألة النسبة إلى الإمام الشافعي]

...

"فصل"١: وقد بقيت علينا مسألة النسبه إلى الإمام المطلبى الشافعى رحمه الله:

وهذا أمر يعرف باستقراء المسائل والنظر في دلائلها فإن المجتهد لا يقنع بمجرد التقليد والنسبة من غير معنى وقد ذكرت في كتاب الاقتصار طرفا من تقديم أصحاب الحديث على أصحاب الرأى

وقد ذكرنا دررا من فضل الشافعى رحمة الله وذكرت أيضا في الكتاب الذى سميته البرهان المسائل من أصول المخالفين يأتى على تشنيعات عليهم في أشياء اختاروها لا يصح ذلك على أصول الشرع وسردت ذلك سردا من أول كتاب الطهارة إلى آخر الكتب فلم أحب إعادته في هذا الموضع وأيضا فإن سائر أصحابنا قد اعتنوا في ذلك وصنفوا الكتب وقد بالغوا ولم يقصروا وعلى الجملة نقول إن الانتساب إلى الشافعى استنان فإن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "الأئمة من قريش" ٢. وقال في موضع آخر: "الناس تبع لقريش في هذا الأمر أبرارهم تبع لأبرارهم وفجارهم تبع لفجارهم" ٣ فذكر أنهم الأصل وأن باقى الناس تبع لهم ولا بد للمتبع من مقتدى به في الجملة والتقليد وإن لم نجوزه للعالم ولكن لأجل حرمة ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن بد من أمام ينتسب إليه لنكون ممتثلين لقول صاحب الشرع صلوات الله وسلامه عليه: "الناس تبع لقريش" فاخترنا الأمام المطلبى محمد بن إدريس الشافعى رحمه الله ورضوان الله عليه لأنا لم نجد في الأئمة الذين مهدوا الأصول وفرعوا التفريعات وتكلموا في المسائل على ما توجبه الأصول والاجتهاد الصحيح المبتنى على القواعد الصحيحة أحدا من قريش سوى الشافعى رحمه الله والباقون لا مطعن عليهم وقد تحروا الحق وطلبوه بجهدهم لكن العالم الذى لا يجوز له التقليد وإنما يطلب الانتساب المحض بوجه الاستنان بقول الرسول صلى الله عليه وسلم فتعين الانتساب إلى الشافعى رحمه الله لما بينا من قبل.

وأما العامى الذى يقلد ويطلب الانتساب إيضا فالأولى له وبه أن ينتسب إلى هذا


١ بياض في الأصل بمقدار كلمتين.
٢ أخرجه أحمد: المسند "٣/٢٥٥" ح "١٢٩٠٥" والطبراني في الكبير "١/٢٥٢" ح "٧٢٥".
٣ أخرجه البخاري: المناقب "٦/٦٠٨" ح "٣٤٩٥" ومسلم: الإمارة "٣/١٤٥١" ح "١/١٨١٨" بنحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>