للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: إقرار المشركين الذين بعث فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم بوجود الله]

لقد دلت سورة "الزمر" على أن مشركي العرب كانوا يعترفون بوجوده ـ سبحانه ـ وربوبيته لخلقه، كما يؤمنون بأنه هو الذي أوجد العالم العلوي والسفلي، وليس لآلهتهم من ذلك شيء.

قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ} .

هذه الآية من السورة تضمنت اعتراف المشركين الذين بعث فيهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأن الله هو الخالق لهذا العالم علويه وسفليه، فقد بدأ الله هذه الآية بالقسم مخاطباً بذلك نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بأنه لو سأل هؤلاء المشركين العابدين لغير الله تعالى من الأوثان، والأصنام عمن خلق السموات والأرض؟ لكان جوابهم جواباً حقيقياً صادقاً نابعاً من الفطرة التي فطر الله الناس عليها فيقولون: إن الخالق لهذا الكون هو الله ـ جل وعلا ـ كما تضمنت بيان عجز الآلهة التي يعبدونها عن أن تجلب لهم نفعاً، أو أن تدفع عنهم شراً، وما دام الحال هكذا من أنه لا خالق لهذا الكون إلا الله ـ تعالى ـ وأن الآلهة التي يزعمونها من دون الله عاجزة عن جلب الخير، أو دفع الشر، فعبادتهم لها باطلة ويلزمهم أن يتوجهوا بالعبادة إلى الإله الحق الذي له القدرة على الخلق وجلب الخير ودفع الضرر ومن هذه صفته فهو المعبود بحق دون سواه.

قال ابن جرير: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ولئن سألت يا محمد هؤلاء المشركين العادلين بالله الأوثان والأصنام من خلق

السموات والأرض ليقولن خلقهن الله١. قال ابن كثير: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ


١- جامع البيان ٢٤/٧.

<<  <   >  >>