للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الخامس: إثبات صفة الحكمة]

لقد دلت السورة على إثبات صفة الحكمة ـ للباري جل وعلا ـ في أول آية منها:

قال تعالى: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} فاسمه ـ تعالى ـ "الحكيم" دل على صفة الحكمة ـ للرب جل جلاله ـ، واسمه ـ تعالى ـ "الحكيم" مأخوذ من الحكمة وله معنيان:

أحدهما: بمعنى القاضي العدل الحاكم بين خلقه بأمره الديني الشرعي وأمره الكوني القدري وله الحكم في الدنيا والآخرة.

الثاني: أنه المحكم للأمر كي لا يتطرق إليه الفساد١.

قال ابن القيم رحمة الله عليه:

الحكمة حكمتان علمية، وعملية فالعلمية الإطلاع على بواطن الأشياء ومعرفة ارتباط الأسباب بمسبباتها خلقاً وأمراً وقدراً، أو شرعاً.

والعملية: وضع الشيء في موضعه"٢.

قال الزجاج٣: الحاكم والحكم واحد كالواسط، والوسط وأصل الحكم المنع،


١- النهاية لابن الأثير ١/٤١٨-٤١٩.
٢- مدارج السالكين ٢/٤٧٨ ـ ٤٧٩.
٣-هو: أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل الزجاج النحوي كان من أهل العلم بالأدب، والدين كان يخرط الزجاج في بغداد وإليه نسبته، ولد سنة إحدى وأربعين ومائتين وتوفي سنة إحدى عشرة وثلاثمائة للهجرة. انظر ترجمته في "وفيات الأعيان ١/١١، وله ترجمة في أول كتابه "أسماء الله الحسنى" تحقيق أحمد يوسف الدقاق.

<<  <   >  >>