للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أما كتابة المغازي والسير (حياة الرسول صلى الله عليه وسلم ومغازيه) فقد جاءت متأخرة، وإن كان الصحابة رضي الله عنهم في المرحلة الأولى ينقلون سيرته، ومغازيه مشافهةً، إلا أنها لم تدون في تلك الفترة (١) .

صحيح أن بعض الصحابة - رضوان الله عليهم - أَوْلَوا هذا النوع من الرواية وهو مغازي النبي صلى الله عليه وسلم، وحياته عموماً، وبخاصة أولئك الذين شهدوا المشاهد معه، وكانوا يروونها لبقية الأصحاب، ولأولادهم ومواليهم، بل إنها كانت تُرْوى أكثر من مرة، دون أن يهتم واحد منهم بجمعها وتدوينها (٢) .

إن الاطلاع على حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وفترة جهاده أمر تتوق إليه نفس المؤمن، وترغب في معرفته، فقد كان من عادة الصحابة والتابعين أن يحدثوا أبناءهم عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وعن غزواته وما لقيه في سبيل نشر الدعوة من عنت وإرهاق في مكة، ثم ما لقيه من مقاومة في المدينة المنورة (٣) .

ويعود هذا الاهتمام والاعتزاز بمغازي الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أسباب دينية في المقام الأول، وهو تعرُّف المسلمين إلى أقواله وأفعاله، وتقريراته، وبيان مواقفه من القضايا التي واجهته في تلك الغزوات والحروب، ومراحل الدعوة المختلفة (٤) .كما أن أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته كانت لها أهمية كبرى إبان حياته، وأهمية أكبر بعد موته، وقد أوجبت هذه الأهمية العناية الشاملة بتدوين تفاصيل حياته بجمع الأحاديث والأخبار عنها (٥) .


(١) فقه السيرة للبوطي: ص:٢٠.
(٢) فقه السيرة للبوطي: ص:٢١.
(٣) أضواء على كتب السيرة النبوية: ص:٢١.
(٤) أضواء على كتب السيرة النبوية: ص:٢٢.
(٥) انظر مقدمة محتوى كتاب مغازي الواقدي: مارسون جونس: ١/١٩.

<<  <   >  >>