للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الباب الرابع: في ذكر الأئمة]

[فصل في ذكر أبي حنيفة رضي الله عنه]

[مدخل]

...

القسم الرابع١: في ذكر الأئمة

[فصل في ذكر أبي حنيفة رضي الله عنه]

أما أبو حنيفة فله في الدين المراتب الشريفة والمناصب المنيفة، سراج في الظلمة وهاج، وبحر بالحكم عجَّاج٢، سيد الفقهاء في عصره، وراس العلماء في مصره، له البيان في علم الشرع والدين، والحظ الوافر من الورع المتين، والإشارات الدقيقة في حقيقة اليقين، مهد ببيانه قواعد الإسلام، وأحكم بتبيانه شرائع الحلال والحرام، وصار قدوة الأئمة الأعلام، سبق الكافة منهم إلى تقرير القياس٣ والكلام٤، وغدا إماما


١ إضافة من المحقق بدلالة تقسيم المؤلف في المقدمة.
٢ أي ممتلئ، يقال: طريق عاجٌّ: ممتلئ. (ر: القاموس المحيط ص ٢٥٣) .
٣إن الإمام أبا حنيفة -رحمه الله- لم يفتق الكلام في القياس، فغن أصل القياس في النصوص الشرعية وفي اجتهادات الصحابة وعملهم، ولكن تميز أبو حنيفة بتأصيل القياس والإكثار من استعماله حتى اشتهر به، فعن المزني قال: سمعت الشافعي يقول: الناس عيال على أبي حنيفة في القياس اهـ ذكره ابن حجر الهيثمي في الخيرات الحسان في مناقب الإمام أبي حنيفة النعمان ص ٧٠.
٤ إذا كان المراد بـ (الكلام) الرأي والاجتهاد والقياس فهذا معنى صحيح ولكن لا يعبر عنه بـ (الكلام) لأنه إذا أطلق لا ينصرف إلا إلى علم الكلام المذموم، ويشهد له كلام الإمام الشافعي آنفاً وفيما سيأتي، وأما إذا كان المراد به (علم الكلام) - المنهي عنه باتفاق السلف - فهذا غير صحيح، فقد تواترت نصوص عن الإمام أبي حنيفة في النهي عن علم الكلام وذمه منها:
قال الإمام أبو حنيفة لأحد أصحابه لما سأله عن العرض قال: مقالات الفلاسفة، عليك بالأثر وطريق السلف، وإياك وكل محدثة فإنها بدعة. وقال أيضاً: لعن الله عمرو بن عبيد، إنه فتح للناس الطريق إلى الكلام، فيما لا يعنيهم من الكلام. وقال محمد بن الحسن: كان أبو حنيفة يحثنا على الفقه وينهانا عن الكلام (ر: ذم الكلام ق١٩٤/ب، ق١٩٦/ب للإمام الهروي، أحاديث في ذم الكلام وأهله ص ٨٥-٨٨ انتخبها الإمام أبو الفضل المقري تحقيق د/ ناصر الجديع) .

<<  <   >  >>