للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل غير ذلك١.

فوضح الشيخ بعبارته السابقة أن المعنى واحد، وكلاً من المفسرين قد ذكر نوعاً من أنواع التقدم، والكل راجع إلى معنى واحد وهو ما عبر عنه ابن كثير بقوله- قبل إيراده الأقوال المذكورة وغيرها- أي: لا تسرعوا في الأشياء بين يديه- أي قبله- بل كونوا تبعاً له في جميع الأمور٢.

وإنما نبه الشيخ إلى هذا لعظيم فائدته. فينبغي التفطن له، لئلا يظن من لا فهم عنده للمعاني، أومن يقصر نظره عن المعنى العام الجامع فيغفل عنه، ويقصر نظره على أنواعه أن ذلك اختلاف تضاد فيحكي في معنى الآية أقوالاً عديدة، ومآلها إلى معنى واحد، أو هي جميعاً مندرجة تحت أصل عام. وهذه فائدة نفيسة كما ترى. فكثير من الأقاويل عند التدقيق والتحقيق ترجع إلى معنى واحد. وكما نبه الشيخ إلى هذا فإنا نجد في تفسيره منهجاً تطبيقياً لموقف المفسر من هذا الاختلاف، إذ يجمع بعض أقوال السلف إلى بعض ويحسن الربط بينها، وإيضاح وجه كل منها، وبيانه بياناً شافياً، ولربما دعم ذلك البيان بالكتاب والسنة وضرب الأمثلة.

ويتضح ذلك من كلامه على قصة آدم وإبليس عندما ذكر تفاسير السلف لقوله تعالى: {ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ} ٣.

فقال: {مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} يعني الدنيا "أو" ٤ الآخرة: {وَمِنْ خَلْفِهِمْ} يعني


١ انظر هذه الأقوال وغيرها في تفسير الطبري "٢٦: ١١٦، ١١٧" وتفسير ابن كثير "٣٤٥:٧".
٢ تفسير ابن كثير "٣٤٥:٧".
٣ سورة الأعراف: آية "١١".
٤ في النسخ المخطوطة والمطبوعة من التفسير بالواو، في هذا الموضع والذي بعده، والأظهر. ما أثبته كما هو في روضة. الأفكار والأفهام "١: ٤٢٥" والمطبوع المحرر "٢: ٣٩٦".

<<  <   >  >>