للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[النداء الحادي والثلاثون: في وجوب العدل في الحكم والشهادة وحرمة ترك العدل من أجل البغض والعداء والأمر بتقوى الله عز وجل]

الآية (٨) من سورة المائدة

أعوذ بالله الشيطان الرجيم

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}

الشرح:

اذكر أيها القارئ الكريم ما تقدم من أمر الله تعالى لعباده المؤمنين به، وبلقائه بالعدل، وهذا أمر آخر، وذلك لعظم شأن العدل وأهميته وضرورته في كل شئ، حتى أن أمر السماء والأرض قام على العدل، فاذكر هذا واصغ تسمع ما في هذا النداء من الأمر بالقيام لله تعالى بكل ما أوجب على عباده القيام به من العبادات والآداب والأخلاق والأحكام، وأن يكونوا قوامين لا قائمين فحسب؛ إذ القوام كثير القيام بالحقوق والواجبات، بخلاف القائم فإنه أقل قيام من القوام. وقوله: {لِلَّهِ} نفى للشرك في كل ما يقوم به عبد الله المؤمن من عبادات وحقوق وواجبات أمر الله بها وأوجبها على عباده المؤمنين. وكما أوجب تعالى العدل في الأحكام وفى كل ما يقوم به المؤمنون من طاعات لله تعالى، أوجب العدل في أداء الشهادة، لأنه بالشهادة تؤدى الحقوق لأصحابها المشهود لهم، فإن جار الشاهد ولم يقم شهادته على العدل ضاع حق المشهود له مؤمنا كان أو كافرا، غنيا كان أو فقيرا وبما أن الكل عباد الله فلا يأذن الله تعالى بظلم عبد من عباده بإضاعة حقه، وهذا هو سر وجوب الشهادة بالقسط، أي العدل في قوله عز وجل: {كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} واذكر هذا أيها القارئ والمستمع، وتأمل قوله تعالى في هذا النداء {وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ

<<  <   >  >>