للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد بسطت الكلام على هذا الموضع بسطًا شافيًا في مقدمة كتابه "نهاية الأحكام".

الثالثة:

لا يلزم من كون سند الحديث ضعيفًا؛ أن يكون كذلك في نفس الأمر، بل قد يكون له سند آخر رجاله ممن يحتج بهم، وقد ينجبر بسند آخر ضعيف، فينتهي بمجموعها إلى درجة الحسن.

وذلك أن ضعف الرواة يكون لاتهامهم بالكذب، وتارة يكون لنقص إتقانهم وحفظهم.

فالقسم الأول لا ينجبر بسند آخر فيه مثل رجال الأول؛ لأنه انضم كذاب إلى مثله، فلا يفيد شيئًا، بل ربما يكون بعضهم سرق ذلك الحديث من بعض وادعى سماعه.

أما إذا كان النقص دخل من جهة اتهامهم بالغلط والوهم؛ فإنه إذا جاء ذلك الحديث من وجه آخر عن رجال مقاربين له ولا علم أن الوهم بعيد منه؛ فانجبر أحد السندين بالآخر، وارتقى الحديث إلى درجة الحسن، وسيأتي في بعض الأحاديث ما هو مثال لهذا.

وكذلك الحديث الحسن لقصور رجال إسناده عن درجة رجال الصحيح في الحفظ والإتقان؛ إذا روي ذلك المتن بسند آخر مثله في الحسن ارتقى بمجموعها إلى درجة الصحة لاعتضاد كلٌّ منهما بالآخر.

الرابعة:

الحكم على الحديث بكونه موضوعًا من المتأخرين عَسِرٌ جدًا؛ لأن ذلك لا يتأتي إلا بعد جمع الطرق وكثرة التفتيش، وإنه ليس لهذا المتن سوى هذه الطريق الواحد، ثم يكون في رواتها من هو متهم بالكذب، إلى ما ينضم إلى ذلك من قرائن كثيرة؛ يقتضي للحافظ المتبحر؛ الجزم بأن هذا الحديث كذب.

ولهذا انتقد العلماء على الإمام أبي الفرج بن الجوزي في كتابه "الموضوعات" توسعه بالحكم بذلك على كثير من الأحاديث ليست بهذه المثابة، بل فيها ما فيه ضعف محتمل،

<<  <  ج: ص:  >  >>