للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[محمد عبده]

فأجابه الشيخ محمد عبده بهذه الرسالة التي تعد تقريظًا له:

"لو كان بي أن أشكرك لظن بالغت في تحسينه، أو أحمدك لرأي لك فينا أبدعت في تزيينه، لكان لقلمي مطمع أن يدنو من الوفاء بما يوجبه حقك، ويجري في الشكر إلى الغاية مما يطلبه فضلك، لكنك لم تقف بعرفك عندنا، بل عممت به من حولنا، وبسطته على القريب، والبعيد من أبناء لغتنا.

رفقت إلى أبناء اللغة العربية عذراء من بنات الحكمة الغربية سحرت قومها، وملكت فيهم يومها، ولا تزال تنبه منهم خامدًا وتهز فيهم جامدًا، بل لا تنفك تحيى من قلوبهم ما أماتته العشرة، وتقوم من نفوسهم ما أعوزت فيه الأسوة، حكمة أفاضها الله على رجل منهم، فجردها من ثوبها الغريب وكساها حلة من نسج الأديب، وجلاها للناظر، وحلاها للطالب، شيقة إلى مؤانسة البصائر: تهش للفهم، وتبش للطف الذوق، وتسابق الفكر إلى مواطن العلم، فلا يكاد يلحظها الوهم إلا، وهي من النفس في مكان الإلهام.

حاول قوم من قبلك أن يبلغوا من ترجمة الأعجمي مبلغك، فوقف العجز بأغلبهم عند مبتدأ الطريق، ووصل منهم فريق إلى ما يحب من مقصده، ولكنه لم يعن بأن يعيد إلى اللغة العربية ما فقدت من أساليبها، ويرد إليه ما سلبه

<<  <   >  >>