للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[حفني ناصف]

أما ثانيهما فهو حفني ناصف وقد تخرج في دار العلوم سنة ١٨٨٢ بعد أن قضى بها ثلاث سنوات، وتلك السنة التي شبت فيها الثورة العرابية، ودخل الإنجليز مصر، وكان حفني أديًبا، وعالمًا لغويًا، وأهم ظاهرة في أدبه شعره ونثره تلك الروح المصرية السمحة التي تتميز بالدعابة والفكاهة، ويقول عنه تلميذه طه حسين: إنه "كان ذكي القلب، خصب الذهن، نافذ البصيرة حاضر البديهة، سريع الخاطر، ذرب اللسان، وكان أسمع الناس طبعًا، وأرجحهم حلمًا، وأعذبهم روحًا، وأرقهم شمائل".

وقد شغل حفني مناصب عدة، فاشتغل بالتدريس والقضاء، وسافر إلى أوروبا وكتب في الصحف، وكان لكل ذلك تأثير في عقله، ومن ثم على قلمه، ولعله أشهر كتاب الرسائل وأقواهم بعد عبد الله فكري، وهو ممن يؤثرون السجع ويدافعون عنه، وسنرى بعد قليل حجته في ذلك، وقد تدعوه روح الفكاهة والظرف إلى استخدام بعض الألفاظ العامية أو المتداولة كثيرًا، إذ يراها تضفي على كتابته الروح التي يريدها، ومن ذلك مثلًا قوله من رسالة يشكر فيها من أهدى له عنبًا: "وصل يا مولاي إلى هذا الطرف ما خصصت به العبد من الطرف "قفص" من عنب كاللؤلؤ في الصدف، تتألق عناقيده كأنها من صناعة "النجف"،

<<  <   >  >>