للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث السادس: محل الإقالة]

ذكرت عند الكلام على تعريف الإقالة وشروط صحتها أن الإقالة في حقيقتها رفع للعقد بين المتعاقدين، ولابد فيها من رضا العاقدين، ويستفاد من ذلك أنها لا تكون إلا بعد انعقاد العقد؛ إذْ الرفع لا يكون إلا لشيء واقع، وعليه فان الإقالة لا ترد إلا على العقد الصحيح، أما العقد الفاسد فمع أن الحنفية قالوا إنه يفيد الملك بالقبض إلا أنهم قالوا بوجوب حَلّه ١، فيفهم من ذلك أن الإقالة لا ترد عليه، وقد سبقت الإشارة لذلك عند الكلام على الحكم التكليفي للإقالة.

ومع أن الإقالة لا ترد إلا على العقد الصحيح إلا أن ذلك ليس على إطلاقه، فإنها لا ترد إلا عقد المعاوضة المالي اللازم فتحله وترفع أثره.

والعقود الصحيحة التي ترد عليها الإقالة؛ إما أن تكون لازمة للعاقدين مثل البيع بلا خيار والإجارة، أو لازمة لأحد العاقدين دون الآخر كالبيع بشرط الخيار لأحد العاقدين، فإن الإقالة في هذه الحالة ترد في حق من يكون العقد لازماً في حقه.

أما العقود غير اللازمة فإنها لا تعتبر محلاً للإقالة لأنه لا حاجة للإقالة فيها إذ يستطيع كل من العاقدين حل العقد ولو لم يرض الآخر سواء كانت غير لازمة للعاقدين مثل الوكالة أو كانت لازمة لأحدهما كالرهن فإنها لا ترد في حق من كان العقد غير لازم له ٢.


١ ينظر المبسوط للسرخسي: ١٣/٢٢، ٢٣، وبدائع الصنائع للكاساني: ٥/٢٩٩، ٣٠٠.
٢ ينظر بدائع الصنائع للكاساني: ٥/٢٠٦، والبحر الرائق لابن نجيم: ٦/١١١، وشرح الزرقاني على مختصر خليل: ٥/١٧٩، والمجموع شرح المهذب للنووي: ٩/١٨٨، والمغني لابن قدامة: ٦/٢٠١.

<<  <   >  >>