للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الخاتمة

تطرق هذا البحث بعد بيان فرضية الصلاة وأهمية أدائها جماعة إلى حكم إعادة الجماعة في المسجد بعد جماعة الإمام الراتب.

وقد ظهر اتفاق الفقهاء على أن المسجد إذا لم يكن له أهل معروفون بأن كان على شوارع الطرق أو كان لا إمام له ولا مؤذن فإنه لا يكره فيه تكرار الجماعة.

كما اتضح مذهب جمهور الفقهاء أنه إذا كان مسجد محلة وقد تقدم قوم فصلوا جماعة، ثم جاء الإمام الراتب بعدهم فإن له أن يصلي بأهله جماعة.

أما إذا كان للمسجد إمام راتب ففاتت قوماً فيه الجماعة فهل يصلون جماعة بإمام غير الراتب بعد الراتب؟ ذهب جماعة من الفقهاء إلى المنع من إعادة الجماعة وقالوا يصلون فرادى، وذهب آخرون إلى استحباب إعادة الجماعة بالنسبة لهم إلا في المسجد الحرام والمسجد النبوي فإنه يكره فيهما إعادة الجماعة لئلا يتوانى الناس عن حضور الجماعة مع الراتب في المسجدين إذا أمكنهم الصلاة في جماعة أخرى وذلك في غير عذر كنوم ونحوه.

وقد بينت أدلة الفريقين وذكرت ما أورد عليهما ثم الجواب عن ذلك بالتفصيل، وفي الأخير ترجح لي - بعد النظر إلى أدلة الشرع ومقاصده ومصالحه المعتبرة - أن إعادة الجماعة إذا كان بقصد الاختلاف على الأئمة ومفارقة الجماعة أو لجأ إليها أهل الزيغ والضلال لإظهار نحلتهم وإعلان بدعتهم. فإن الإعادة تمنع حفاظاً على وحدة الصف واتحاد الكلمة ومنعا لأهل الباطل من إظهار بدعتهم.

وأما إذا لم تكن الإعادة على هذا الوجه بأن حصل لقوم تأخروا عن الجماعة لعذر - دون قصد الاختلاف والافتراق ومنابذة الأئمة وإظهار البدعة - فإن الإعادة والتكرار في هذه الحالة لا يُكره، بل يُشرع للأدلة المذكورة، وبه تتحد نصوص الشرع وحِكمها.

وبالله تعالى التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.

<<  <   >  >>