للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال: وفيما روي عنهما - ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما - في النهي عن الصوم عن الميت نظر، والأحاديث المرفوعة أصح إسناداً، وأشهر رجالاً، وقد أودعها صاحبا الصحيح كتابيهما، ولو وقف الشافعي رحمه الله على جميع طرقها وتظاهرها لم يخالفها إن شاء الله تعالى (١) .

وقال البيهقي في الخلافيات: هذه المسألة ثابتة لا أعلم خلافاً بين أهل الحديث في صحتها فوجب العمل بها، ثم ساق بسنده إلى الشافعي قال: كل ما قلت وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه فخذوا بالحديث ولا تقلدوني (٢) .

وقال النووي: الصواب الجزم بجواز صوم الولي عن الميت سواء صوم رمضان والنذر وغيره من الصوم الواجب للأحاديث الصحيحة، ولا معارض لها، ويتعين أن يكون هذا مذهب الشافعي لأنه قال: إذا صح الحديث فهو مذهبي واتركوا قولي المخالف له (٣) .

وقال ابن قدامة: الصوم ليس بواجب على الولي، لأن النبي صلى الله عليه وسلم شبهه بالدين، ولا يجب على الولي قضاء دين الميت، وإنما يتعلق بتركته إن كانت له تركة، فإن لم يكن له تركة فلا شيء على وارثه، لكن يستحب أن يقضى عنه لتفريغ ذمته وفك رهانه، كذلك ها هنا، ولا يختص ذلك بالولي، بل كل من صام عنه قضى ذلك عنه وأجزأ، لأنه تبرع، فأشبه قضاء الدين عنه (٤) . والله تعالى أعلم.


(١) السنن الكبرى ٤/٢٥٦، ٢٥٧.
(٢) فتح الباري ٤/١٩٣.
(٣) المجموع ٦/٣٤٠، ٣٤١.
(٤) المغني ٣/١٤٤.

<<  <   >  >>