للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحياة والموت، والتفت ساقاه١.

يقول السعدي في تفسير هذه الآيات:

“يعظ تعالى عباده بذكر المحتضر حال السياق، وأنه إذا بلغت روحه التراقي، وهي العظام المكتنفة لثغرة النحر، فحينئذ يشتد الكرب، ويطلب كل وسيلة وسبب يظن أن يحصل به الشفاء والراحة؛ ولهذا قال {وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ} أي: من يرقيه، من الرقية؛ لأنهم انقطعت آمالهم من الأسباب العادية، فتعلقوا بالأسباب الإلهية، ولكن القضاء والقدر إذا حتم وجاء فلا مرد له، {وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ} للدنيا، {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ} ، أي: اجتمعت الشدائد، والتفت، وعظم الأمر، وصعب الكرب، وأريد أن تخرج الروح من البدن، الذي ألفته، ولم تزل معه، فتساق إلى الله تعالى؛ ليجازيها بأعمالها ويقررها بفعلها، فهذا الزجر الذي ذكره الله يسوق القلوب إلى ما فيه نجاتها، ويزجرها عما فيه هلاكها، ولكن المعاند الذي لا تنفع فيه الآيات لا يزال مستمراً على غيه وكفره وعناده”٢

ثانيا: الأدلة على سكرات الموت من السنة والأثر:

ثبتت أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم تدل على أن للموت سكرات، ومن ذلك:

١- ما أخرجه البخاري بسنده عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت بين يديه رَكْوَة٣، أو علبة فيها ماء، فجعل يدخل يديه في الماء، فيمسح بها وجهه ويقول: “لا إله إلا الله، إن للموت سكرات، ثم نصب


١ انظر معالم التنزيل ٤/٤٢٤، ٤٢٥ وجامع البيان في تفسير القرآن ٢٩/١٢١.
٢ تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان ص٨٣٣.
٣ الركوة: إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء، والجمع رِكاء، انظر النهاية في غريب الحديث والأثر ص٣٧٥.

<<  <   >  >>