للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٤- أسلوب التأليف والستر:

هذا الأسلوب ذو شقين، الشق الأول التأليف والثاني الستر، فلنتكلم عن كل منهما بما يناسب المقام، أما تأليف القلوب فإنه أسلوب يخاطب العاطفة ويحرك الشجون ويزع في الإنسان وازع الخير إن كان من ذوي الضمائر الحية، والدين الحنيف دين تأليف القلوب، يرغّب في الألفة ويدعو إليها، بل جعل المؤلفة قلوبهم أحد مصارف الزكاة الثمانية قال الله تعالى: {وَالمُؤَلفَةِ قُلُوبُهُمْ} [التوبة: ٦٠] .

وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيرته القولية والعملية أروع الأمثلة في هذا الأسلوب اللطيف الرقيق يستميل به قلوب الناس ويكسر به شوكة الأعداء ويكسبهم إلى الصف الإسلامي فمن الأمثلة عليه قوله يوم الفتح: “ من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن ألقى سلاحه فهو آمن “ ٢.

وفي ذلك منح أهل الجاه والسيادة ما يحقق رغبتهم في الاعتداد بالنفس ما لم يضر ذلك بمصلحة الدعوة، وهو نوع تأليف لقلوبهم وكسبهم إلى صف الخير والبر.

ومما يتحقق به تأليف القلوب: بذل المال والإنفاق في سبيل الله والتودد والتحبب إلى الخلق سواء كان البذل من الزكاة أو الهدية أو غيرها، ولقد كان عليه الصلاة والسلام كما تواترت به السنة: “ ما سئل صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئا إلا أعطاه، وقد جاءه رجل فأعطاه غنما بين جبلين فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا! فإن محمدا يعطي عطاءا لا يخشى الفاقة “٣.


١ الفتح ١٠ / ٤٨٩
٢ م: الجهاد (١٧٨٠) وأحمد في مسند المكثرين (٧٥٨١) .
٣ م: الفضائل (٢٣١٢) واللفظ له، أحمد: المكثرين (١٣٢٣٣) .

<<  <   >  >>