للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ففجر الله لهم عينا من تحت جران [١] بعير عبد المطلب، فحمد الله عبد المطلب على ذلك وعلم أنه من الله تعالى فشربوا من الماء ريّهم وتزودوا منه حاجتهم، قال: ونفد ماء الثقفيين فطلبوا إلى عبد المطلب أن يسقيهم، فقال له الحارث ابنه: والله لئن فعلت لأضعن سيفي في إهابي [٢] ثم لأنتحين عليه حتى يخرج من ظهري، فقال له: يا بني! اسقهم ولا تفعل ذلك بنفسك، قال: فسقاهم عبد المطلب، ثم انطلقوا إلى الكاهن وقد خبأوا له خبيئا وهو رأس جرادة فجعلوه في خربة [٣] مزادة [٤] وعلقوه في قلادة كلب لهم يقال له سوّار، قال:

فلما أتوا الكاهن إذا هم ببقرتين/ تسوقان بحزجا [٥] بينهما كلتاهما توأمة [٦] تزعم أنه ولدها، وذلك أنهما ولدتا في ليلة واحدة فأكل النمر إحدى البحزجين فهما يرأمان [٧] الباقي، فلما وقفتا [٨] بين يدي الكاهن قال: هل تدرون ما تقول هاتان البقرتان؟ قالوا: لا، قال: يختصمان في هذا البحزج ويطلبان بحزجا آخر ذهب به ذو جسد أربد وشدق رمع [٩] وناب معق [١٠] وحلق صعق [١١] ، فما للصغرى في ولد الكبرى من حق، فقضى به لكبرى من البقرتين، فلما ذهبتا


[١] الجران من البعير مقدم عنقه، وهو بكسر الجيم، جمعه الجرن والأجرنة.
[٢] في الأصل: رهابتي، والإهاب كشهاب الجلد جمعه الأهب كشهب.
[٣] الخربة كبردة: كل ثقب مستدير، جمعها الخرب كزفر والأخراب والخروب، وفي نهاية الأرب ٣/ ١٢٩ وبلوغ الأرب ٣/ ٢٧٨: خرزة كبردة وهي الثقبة أيضا.
[٤] في المزادة ثقبان يخرز فيهما عروتها.
[٥] البحزج كجعفر بالزاي المعجمة وبالراء أيضا والثاني أكثر وضبطه بعض أئمة اللغة بالخاء المعجمة بعد الزاي أو الراء- راجع تاج العروس ٢/ ٦، والبحزج: ولد البقر الوحشية.
[٦] لا توجد كلمة «توأمة» في نص بلوغ الأرب ٣/ ٢٧٩.
[٧] في الأصل: يرءمان.
[٨] في الأصل: وقفنا.
[٩] في الأصل: مرمع- بالميم، والرمع ككتف المضطرب والمتحرك، ولعل الصواب ما أثبتنا.
والمرمّق العيش الذي ضاق عيشه.
[١٠] معق النهر معقا من باب كرم بمعنى عمق- يعني نابا طويلا.
[١١] الصعق ككتف: شديد الصوت.

<<  <   >  >>