للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لقوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما بعثه إلى اليمن «أَعلمهم أَن الله قد افترض عليهم صدقة، تؤخذ من أَغنيائهم، فترد على فقرائهم» (١) .


(١) متفق عليه، وعن طاووس قال: في كتاب معاذ «خرج من مخلاف إلى مخلاف، فإن صدقته وعشره في مخلاف عشيرته» رواه الأثرم، فيفرقها الساعي، في مكان رب المال وما قاربه، ويبدأ بأقاربه الذين لا تلزمه مؤنتهم، وعنه: يجوز النقل، ويجزئ، قال الشارح: وهو قول أكثر أهل العلم، لأنه دفع الحق إلى مستحقه، فبرئ كالدين، ولعموم قوله «فترد على فقرائهم» والضمير للمسلمين، ولقوله {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} إلى آخر الآية، ولم يفرق بين فقراء وفقراء، وقوله لقبيصة «أقم حتى تأتينا الصدقة، فنأمر لك بها» فدل على أنها كانت تنقل إليه، فيفرقها في فقراء المهاجرين والأنصار، واختار أبو الخطاب وغيره الجواز، لأن الأدلة في المسألة متقاربة، وقد وصلت إلى الفقراء، فدخلت في عموم الآية.
وقال الشيخ: يجوز نقل الزكاة وما في حكمها، لمصلحة شرعية، وإذا نقل الزكاة إلى المستحقين بالمصر الجامع، مثل أن يعطي من بالقاهرة، من العشور التي بأرض مصر، فالصحيح جواز ذلك، فإن سكان المصر إنما يعانون من مزارعهم، بخلاف النقل من إقليم إلى إقليم، مع حاجة أهل المنقول عنها، وإنما قال السلف: جيران المال أحق بزكاته، وكرهوا نقل الزكاة، إلى بلد السلطان وغيره، ليكتفي أهل كل ناحية بما عندهم من الزكاة، ولهذا في كتاب معاذ «من انتقل من مخلاف إلى مخلاف، فإن صدقته وعشره في مخلاف جيرانه» «والمخلاف» عندهم كما يقال «المعاملة» وهو ما يكون فيه الوالي والقاضي، وهو الذي يستخلف فيه ولي الأمر جابيًا، يأخذ الزكاة من أغنيائهم، فيردها إلى فقرائهم، ولم يقيد ذلك بمسيرة يومين، وتحديد المنع من نقل الزكاة، ليس عليه دليل شرعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>