للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدهم (الفقراء، وهم) أَشد حاجة من المساكين، لأن الله تعالى بدأ بهم، وإنما يبدأ بالأهم فالأهم (١) فهم (من لا يجدون شيئًا) من الكفاية (٢) (أو يجدون بعض الكفاية) أي دون نصفها (٣) وإن تفرغ – قادر على التكسب – للعلم لا للعبادة، وتعذر الجمع أُعطي (٤) (و) الثاني (المساكين) الذين (يجدون أكثرها) أي أكثر الكفاية (أو نصفها) (٥) .


(١) وبدأ بهما المصنف كغيره، اتباعًا للنص، وهم في أحكام الزكاة، غير المساكين، لأنهم إذا اجتمعوا افترقوا، وبالعكس، والفقير مشتق من فقر الظهر، فعيل بمعنى مفعول، أي مفقور، وهو الذي نزعت فقرة ظهره، فانقطع صلبه.
(٢) البتة، ولا قدرة لهم على شيء بالكلية، وذلك أشد الحاجة.
(٣) من كسب أو غيره، مما لا يقع موقعًا من الكفاية، ومثله بعضهم بالزمن والأعمى، لأنهما في الغالب كذلك، وربما لا يقدرون على شيء أصلاً، قال تعالى {لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ} الآية، قال الوزير: وهو الصحيح عندي، لأن الله عز وجل بدأ به، فقال {لِلْفُقَراءِ} الآية.
(٤) أي تعذر الجمع بين التكسب والاشتغال بالعلم، أعطي من الزكاة بقدر حاجته، لاشتغاله بالعلم، وإن لم يكن العلم لازمًا له، قال الشيخ: ويجوز أخذه ما يحتاج إليه، من كتب العلم، التي لا بد لمصلحة دينه ودنياه منها، بخلاف العبادة، والفرق بين العلم والعبادة تعدي العلم، وقصور العبادة.
(٥) من كسب أو غيره، مفعيل من السكون، وهو الذي أسكنته الحاجة، قال تعالى {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} فسماهم مساكين ولهم سفينة، وروي «اللهم أحيني مسكينًا» ولا يجوز أن يسأل شدة الحاجة، فدل على أن المسكين أحسن حالاً من الفقير، وعنه: أنه فقير، والأول مسكين، وأن المسكين أشد حاجة، اختاره ثعلب وغيره، وفاقًا لأبي حنيفة ومالك، لقوله {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} وأجيب بأنه يجوز التعبير عن الفقير بالمسكين، وهما صنفان في الزكاة، وصنف واحد في سائر الأحكام، لأن كل واحد من الاسمين ينطلق عليهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>