للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخير الصدقة عن ظهر غنى» متفق عليه (١) (ويأْثم) من تصدق (بما ينقصها) أي ينقص مؤنة تلزمه (٢) وكذا لو أَضر بنفسه، أَو غريمه، أَو كفيله (٣) لقوله عليه السلام «كفى بالمرء إثمًا أن يضيع من يقوت» (٤) .


(١) من حديث حكيم بن حزام، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له «اليد العليا» وهي المعطية «خير من اليد السفلى» وهي السائلة «وابدأ» أيها المتصدق «بمن تعول» أي تمون، ممن تلزمك نفقته، فقدمه على التصدق على غيرهم، تقديمًا للواجب، على المندوب، فيبدأ بنفسه، وعياله، لأنهم الأهم، «وخير الصدقة، ما كان عن ظهر غنى» أي عفوًا، فقد فضل عن غنى، أو فضل عن العيال، والظهر قد يزاد في مثل هذا، إشباعًا للكلام، وتمكينًا، كأن صدقته مستندة إلى ظهر قوي من المال، فأفضل الصدقة ما بقي صاحبها بعد إخراجها مستغنيًا، بقي له ما يستظهر به على حوائجه، ومصالحه.
(٢) لتركه الواجب، ولأبي داود عن جابر مرفوعًا «يأتي أحدكم بما يملك، فيقول: هذه صدقة! ثم يقعد يتكفف الناس، خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى» .
(٣) في مال أو بدن، فالاختيار للمرء أن يبقي لنفسه قوتًا، فلا يضر بها، ويترك واجبًا لمندوب، مع اليسار، فكيف مع ترك حق واجب لنفسه، أو غريمه، أو كفيله، وإذا لم يضر فالأصل الاستحباب.
(٤) رواه أبو داود وغيره، وله عن أبي هريرة قال: أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصدقة، فقال رجل: يا رسول الله عند دينار. فقال «تصدق به على نفسك» فقال: عندي آخر. قال «تصدق به على ولدك» قال: عندي آخر. قال «تصدق به على زوجتك» قال: عندي آخر. قال «تصدق به على خادمك» قال: عندي آخر. قال «أنت أبصر» ولمسلم «أفضل دينار ينفقه الرجل، دينار ينفقه على عياله» وقال أبو قلابة: وأي رجل أعظم أجرًا، من رجل ينفق على عيال صغار، يعفهم، أو ينفعه الله بهم، ويغنيهم؟

<<  <  ج: ص:  >  >>