للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقوله عليه السلام «صوموا لرؤْيته، وأَفطروا لرؤْيته» (١) والمستحب قول: شهر رمضان؛ كما قال الله تعالى (٢) ولا يكره قول: رمضان (٣) (فإن لم ير) الهلال (مع صحوٍ، ليلة الثلاثين) من شعبان (أَصبحوا مفطرين) (٤) وكره الصوم، لأَنه يوم الشك المنهي عنه (٥) .


(١) أي صوموا لرؤية هلال شهر رمضان، فيجب صومه برؤيته، بإجماع المسلمين «وأفطروا لرؤيته» أي هلال شوال إجماعًا، هو حديث متواتر، قاله الطحاوي وغيره، ولانعقاد الإجماع على وجوبه بالرؤية، وللعلم بدخوله ثلاث طرق، الرؤية، والشهادة عليها أو الإخبار، وإكمال شعبان ثلاثين.
(٢) أي في كتابه العزيز {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ} .
(٣) لوروده في السنة الصحيحة، ولم يثبت فيه نهي، وما روي «لا تقولوا رمضان، فإنه اسم من أسماء الله تعالى» موضوع، قاله الشيخ وغيره، ولا يسمى به إجماعًا، وسمي شهر الصوم رمضان، قيل: لحر جوف الصائم فيه ورمضه، والرمضاء: شدة الحر. وقيل: لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة، سموها بالأزمنة التي وقعت فيها، فوافق هذا الشهر أيام شدة الحر ورمضه. وقيل: لأنه يحرق الذنوب. وروي مرفوعًا، وقيل غير ذلك، وثبت «رمضان سيد الشهور» .
(٤) بلا نزاع، وهو ما يلي التاسع والعشرين من شعبان، لأنه لا يعلم كونه من رمضان، وسمي شعبان من تشعب القبائل، وتفرق اللغات، ويقال لأول ليلة وثانية وثالثة هلال، ثم هو قمر، وقيل: الأولى والثانية. وقيل: إلى أن يستدير بخطة دقيقة، وقيل: إلى أن يبهر ضوءه سواد الليل، والصحو ذهاب الغيم.
(٥) وهو مذهب مالك، والشافعي، وجمهور أهل العلم، وقال عمار:
من صام اليوم الذي يشك فيه، فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم. رواه أبو داود، والترمذي وصححه، وقال: العمل عليه عند أكثر أهل العلم. ورواه البخاري تعليقًا، وروي – من غير وجه النهي عن صومه – مرفوعًا عن حذيفة، وابن عباس، وغيرهما، قال أبو عمر: نهى صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الشك، اطراحًا لأعمال الشك. وهذا أصل عظيم من الفقه أن لا يدع الإنسان ما هو عليه، من الحال المتيقنة، إلا بيقين في انتقالها.
وقال الشيخ: هو يوم شك أو يقين من شعبان، ينهى عن صومه بلا توقف، لأن الأصل والظاهر عدم الهلال، فصومه تقدم لرمضان بيوم، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه، وأصول الشريعة أدل على هذا القول منها على غيره، فإن المشكوك في وجوبه لا يجب فعله، ولا يستحب، بل يستحب ترك فعله احتياطًا، فلم تحرم أصول الشريعة الاحتياط، ولم توجبه بمجرد الشك. اهـ. وكذا إن كان غير يوم شك، فقد نهى عنه صلى الله عليه وسلم فقال «لا تقدموا رمضان بيوم ولا بيومين، إلا أن يكون صوم يصومه رجل، فليصم ذلك الصوم» رواه الجماعة، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال الترمذي: والعمل عليه عند أهل العلم وله عن ابن عباس – وصححه، من غير وجه - «لا تصوموا قبل رمضان» ولأبي داود وغيره، عن حذيفة مرفوعًا «لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال، أو تكملوا العدة» وللترمذي وصححه «إذا بقي نصف من شعبان فلا تصوموا» وذلك لئلا يتخذ ذريعة إلى أن يلحق بالفرض ما ليس منه، ويستثنى النذر، والورد، كمن عادته صوم الخميس، فوافق آخر الشهر، وصوم يوم وفطر يوم، للخبر، ومن عليه قضاء، وكره الشافعي وأحمد صومه قضاء، فتطوع أولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>