للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: أنا مقيم على طاعتك وإجابة أَمرك (١) (لبيك لا شريك لك لبيك (٢) إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك) (٣) .


(١) أي إقامة على طاعتك بعد إقامة، وإجابة لأمرك لنا بالحج بعد إجابة، «ولبيك» مصدر مثنى، قصد به التكثير، مأخوذ من «لب بالمكان» إذا لزمه، وقيل: اتجاهي وقصدي إليك. والأجود في اشتقاقها، هو العطف على الشيء، والإقبال عليه، والتوجه نحوه، وأصل «لبيك» لببتك، فاستثقلوا الجمع بين ثلاث باءات، فأبدلوا من الثالثة ياء، وقيل: لبيك. محبتي لك، وقيل: إخلاصي لك، وقيل معناها: الخضوع، فالتلبية جواب دعاء، والداعي هو الله تعالى، قال جل وعلا {يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ} وقيل: محمد صلى الله عليه وسلم، وقيل إجابة دعوة الخليل حين نادى بالحج: أيها الناس أجيبوا ربكم. فأجابوه: لبيك، الخ، وفي لفظ: إن ربكم اتخذ بيتًا، وأمركم أن تحجوه. وقطع به البغوي وغيره.
قال الشيخ: والتلبية إجابة دعوة الله تعالى لخلقه، حين دعاهم إلى حج بيته، على لسان خليله إبراهيم، والملبي هو المستسلم المنقاد لغيره، كما ينقاد الذي لبب وأخذ بلبته، والمعنى: إنا مجيبوك لدعوتك، مستسلمون لحكمك، مطيعون لأمرك، مرة بعد مرة، لإنزال على ذلك. اهـ. وفي مشروعية التلبية، تنبيه على إكرام الله لعباده، بأن وفودهم على بيته، إنما كان باستدعاء منه سبحانه.
(٢) كرر التلبية لأنه أراد إقامة بعد إقامة، ولم يرد حقيقة التثنية، وإنما هو التكثير كحنانيك.
(٣) قال القرطبي والطحاوي وغيرهما: أجمع العلماء على هذه التلبية، وكسر همزة «إن» أولى عند جماهير العلماء، وهو كذلك عند الحنفية والشافعية، وحكي الفتح عن أبي حنيفة وآخرين. وقال ثعلب: من كسر فقد عم، يعني حمد الله على كل حال، ومن فتح فقد خص، أي: لبيك لأن الحمد لك «والملك» بالنصب والرفع، النصب عطف على الحمد والنعمة، والرفع بالابتداء، وينبغي الوقف هنا وقفة لطيفة، لئلا يوصل بالنفي بعده فيوهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>