للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب فروض الوضوء وصفته (١)

الفرض يقال لمعان، منها الحز والقطع (٢) .


(١) لما ذكر الماء الذي تحصل به الطهارة وآنيته وأردفه بالاستنجاء ثم بالسواك، أتبع ذلك بالكلام على مقاصد الطهارة، وبدأ بالوضوء لتكرره، ولأنه مطلوب مطلقا لكل صلاة، وهو من أعظم شروط الصلاة، وفي الصحيحين لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ ولمسلم: لا يقبل الله صلاة بغير طهور، وله أيضا: الطهور شطر الإيمان، والأصل في الوضوء الكتاب والسنة والإجماع، والوضوء بضم الواو فعل المتوضئ، وهو إمرار الماء على أعضائه من الوضاءة أي النضارة والحسن والنظافة، ووضوء الشيء يوضئ وضوءا ووضاءة صار نضرا حسنا نظيفا، لأنه ينضره ويحسنه وينظفه، وبفتحها الماء يتوضأ به، وحكي الضم والفتح فيهما، والأول هو المعروف في اللغة، وعبر بالفرض هنا، وفي الصلاة بالركن، لأن الصلاة لما امتنع تفريق النية على أفعالها كانت حقيقة واحدة مركبة من أجزاء فناسب عد أجزائها أركانا، بخلاف الوضوء، لما كان كل جزء منه مستقلا بلا تركيب عبر فيه بالفرض، وصفة الوضوء كيفية الكامل منه والمجزئ.
(٢) أي الفرض شيء لازم للعبد كلزوم الحز للشيء، والقطع كالتفريض، وهو التحريز ومصدر بمعنى المفروض ومنه (فمن فرض فيهن الحج) فكل واجب موقت فهو مفروض، وفرض الله الصلاة وغيرها أوجبها، وفرض يفرض فرضا وقت. وفي القاموس: الفرض التوقيت، والحز في الشيء، كالتفريض، وفي المصباح اشتقاق الفرائض من الفرض الذي هو التقدير، لأن الفرائض مقدرات والفرض ما أوجبه الله تعالى، سمي بذلك لأن له معالم وحدودا، وقال تعالى (نصيبا مفروضا) أي محدودا وفي المطلع: ما كان فعله راجحا على تركه مع
المنع من تركه مطلقا اهـ ويطلق الفرض شرعا على معنى آخر، وهو ما تتوقف عليه صحة العبادة، وجواز الإتيان بها، وقال ابن عقيل والموفق وغيرهما، الفرض هو الواجب على إحدى الروايتين، وهو قول الشافعي: والثانية هو آكد من الواجب فقيل هو اسم لما يقطع بوجوبه، كمذهب أبي حنيفة، وقيل ما لا يسامح في تركه عمدا ولا سهوا، نحو أركان الصلاة، قالت الحنفية: الفرض ما ثبت بدليل قطعي، والواجب ما ثبت بدليل ظني، والنزاع لفظي، وتأكد الفرض، على الواجب شرعا ظاهر موافق لمقتضاه لغة.

<<  <  ج: ص:  >  >>