للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو لبده (١) ولا يحلقه ندبًا ليوفره للحج (٢) (وتحلل) لأنه تمت عمرته (٣) .


(١) أي يقصر من مجموع شعره، لا من جميعه، ولو كان لبده، لقوله «ولبدت رأسي» والتلبيد هو: جعل نحو خطمي وصمغ في شعر رأسه، لينضم الشعر، ويلتصق بعضه ببعض، احترازًا عن تمعطه وتقميله.
(٢) ولأنه أكمل، ولقوله صلى الله عليه وسلم وليقصر وليحلل، فلم يأمره بالحلق ليبقى له شعر يحلقه في الحج، فإن الحلق في تحلل الحج، أفضل منه في تحلل العمرة، وقوله: «ويحلقوا، أو يقصروا» إن كان بحيث يطلع شعره، فإن الأولى له الحلق، وإلا فالتقصير، ليقع له الحلق، قال الشيخ: ويستحب له أن يقصر من شعره، ليدع الحلاق للحج، وكذلك أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم اهـ ولا يحلق بعضه في أحدهما، وباقيه في الآخر، لأنه من القزع المنهي عنه.
(٣) وكما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في غير ما حديث لما طافوا بالبيت، وسعوا بين الصفا والمروة، أن يحلوا، إلا من كان معه هدي، فيبقى على إحرامه حتى يتم حجه، وقاله الشيخ وغيره: ونزل عليه القضاء بين الصفا والمروة أن يأمرهم بالإحلال، ولما توقفوا من جعلها متعة قال: انظروا ما أمركم به فافعلوه.
قال الشيخ وغيره: وهو مذهب أهل الحديث، وإمامهم أحمد بن حنبل، وأهل الظاهر، لبضعة عشر حديثًا صحيحًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منها «من تطوف بالبيت، وسعى ولم يكن معه هدي حل» ومنها أنهم لما راجعوه قال: «انظروا ما آمركم به فافعلوه» فردوا عليه فغضب، وأقسم طائفة من أصحابه أنه ما نسخ، ولا صح حرف واحد يعارضه، وأنهم لم يخصوا به، بل أجرى الله على لسان سراقة أن يسأله، فقال: «بل للأبد» وفي لفظ «بل لأبد الأبد» .
وتواتر عن حبر الأمة عبد الله بن عباس أنه قال: ما طاف بالبيت حاج، ولا غير حاج، إلا حل، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه صلى الله عليه وسلم لما تم سعيه أمر من لا هدي معه أن يحل حتما، ولا بد قارنا كان أو مفردًا، وأمرهم أن يحلوا الحل كله، من رداء وطيب وغيرهما، وأن يبقوا إلى يوم التروية.
وقال رجل لابن عباس: ما هذه الفتيا؟ فقال: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن رغمتم، قال ابن القيم: صدق ابن عباس، كل من طاف بالبيت وسعى، ممن لا هدي معه، من مفرد أو قارن، أو متمتع فقد حل إما وجوبا، وإما حكما، هذه هي السنة التي لا راد لها، ولا مدفع، وقال أحمد لسلمة: عندي أحد عشر حديثا صحاحًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتركها لقولك؟ ويقال أيضا: إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قصد مخالفة المشركين، تعين مشروعيته إما وجوبا، وإما استحبابًا، وإذا حل حل له ما حرم عليه بالإحرام.

<<  <  ج: ص:  >  >>