للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم يشرب من ماء زمزم (١) ويستلم الحج، ويقبله، ثم يخرج (٢) (وتقف الحائض) والنفساء (ببابه) أي باب المسجد (٣) (وتدعو بالدعاء) الذي سبق (٤) (وتستحب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، وقبري صاحبيه) رضي الله عنهما (٥) .


(١) قال الشيخ وغيره: لما أحب، ويدعو بما ورد؛ كما تقدم، قال الشيخ: ومن حمل من ماء زمزم جاز، فقد كان السلف يحملونه.
(٢) ذكره الشيخ، ورواه منصور، عن مجاهد، فإذا ولى لا يقف، ولا يلتفت، حتى قيل: إن التفت رجع وودع استحبابًا، ذكره جماعة وفي الفائق وغيره: لا يستحب له المشي قهقرى بعد وداعه.
قال الشيخ: بدعة مكروهة فإذا ولى لا يقف، ولا يلتفت، ولا يمشي القهقرى وهي مشية الراجع إلى خلف، بل يخرج كما يخرج الناس من المساجد عند الصلاة، وكذلك عند سلامه عليه صلى الله عليه وسلم.
(٣) ولا تدخله لأنها ممنوعة من دخوله، لخبر «لا أحل المسجد لحائض ولا جنب» وقال ابن عباس: أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف، إلا أنه خفف عن الحائض، متفق عليه، والنفساء في منزلتها، فيتناولها النص دلالة، وقال لما حاضت صفية «أحابستنا هي؟» قالوا: إنها قد أفاضت، فهما أصل في سقوط طواف الوداع، وقال: والعمل عليه عند أهل العلم، أن المرأة إذا طافت طواف الزيارة، ثم حاضت، أنها تنفر وليس عليها شيء، وهو قول الشافعي وأحمد.
(٤) أو بغيره، إذ لا محذور من ذلك، ولمشاركتها الرجل فيه.
(٥) أي ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم والصلاة فيه، وهو مراد من أطلق من الأصحاب، فإن الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم خير من ألف
صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام، قال الشيخ: فإذا دخل المدينة قبل الحج، أو بعده، فإنه يأتي مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ويصلي فيه، والصلاة فيه خير من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام، ولا تشد الرحال إلا إليه، وإلى المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، هكذا ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة، وأبي سعيد وهو مروي من طرق أُخر، قال: ومسجده كان أصغر مما هو اليوم، وكذلك المسجد الحرام، لكن زاد فيهما الخلفاء الراشدون، ومن بعدهم وحكم الزيادة حكم المزيد في جميع الأحكام.
قال: والنية في السفر إلى مسجده وزيارة قبره مختلفة، فمن قصد السفر إلى مسجده للصلاة فيه، فهذا مشروع، بالنص والإجماع، وكذا إن قصد السفر إلى مسجده وقبره معًا، فهذا قصد مستحبًّا مشروعًا بالإجماع، وإن لم يقصد إلا القبر، ولم يقصد المسجد، فهذا مورد النزاع، فمالك والأكثرون: يحرمون هذا السفر، وكثير من الذين يحرمونه، لا يجوزون قصر الصلاة فيه، وآخرون يجعلونه سفرا جائزا، وإن كان السفر غير جائز، ولا مستحب، ولا واجب بالنذر.
ولم يعرف عن أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: تستحب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم أو لا تستحب، ونحو ذلك، ولا علق بهذا الاسم حكمًا شرعيًّا، وقد كره كثير من العلماء التكلم به، وذلك اسم لا مسمى له، ولفظ لا حقيقة له، وإنما تكلم به من تكلم من بعض المتأخرين، ومع ذلك لم يريدوا ما هو المعروف من زيارة القبور، فإنه معلوم أن الذاهب إلى هناك، إنما يصل إلى مسجده صلى الله عليه وسلم والمسجد نفسه يشرع إتيانه، سواء كان القبر هناك أو لم يكن.

<<  <  ج: ص:  >  >>