للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستحب تكرارها في رمضان، لأنها تعدل حجة (١) (وتجزئ) العمرة من التنعيم (٢) .


(١) فإنه قد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه أمر أم معقل لما فاتها الحج معه، أن تعتمر في رمضان، وأخبرها أنها تعدل حجة وورد أمره بها لغيرها، ولاجتماع فضل الزمان والمكان، ولكن كانت عمره صلى الله عليه وسلم كلها، في أشهر الحج، مخالفة لهدي المشركين، فإنهم كانوا يكرهون العمرة في أشهر الحج، ويقولون: هي من أفجر الفجور.
قال ابن القيم: وهذا دليل على أن الاعتمار في أشهر الحج أفضل من سائر السنة بلا شك، سوى رمضان، لخبر أم معقل، ولكن لم يكن الله ليختار لنبيه صلى الله عليه وسلم إلا أولى الأوقات، وأحقها بها، فكانت في أشهر الحج، نظير وقوع الحج في أشهره، وهذه الأشهر قد خصها الله بهذه العبادة، وجعلها وقتًا لها والعمرة حج أصغر، فأولى الأزمنة بها أشهر الحج، وقد يقال: إنه يشتغل في رمضان من العبادات، بما هو أهم منها، فأخرها إلى أشهر الحج، مع ما فيه من الرحمة لأمته، فإنه لو فعله لبادرت إليه.
(٢) وكره الشيخ وابن القيم الخروج من مكة لعمرة تطوعًا كما تقدم، وأنه بدعة لم يفعله صلى الله عليه وسلم هو ولا أصحابه على عهده، إلا عائشة تطييبًا لنفسها، وكانت طلبت منه أن يعمرها، وقد أخبرها أن طوافها وسعيها قد أجزأها عن حجها وعمرتها، فأبت عليه إلا أن تعتمر عمرة مفردة، وكانت لا تسأله شيئا إلا فعله، فلم يخرج لها في عهده غيرها، لا في رمضان، ولا في غيره اتفاقا، ولم يأمر عائشة، بل أذن لها بعد المراجعة ليطيب قلبها، وتقدم قوله: طوافه وعدم خروجه لها أفضل اتفاقًا، وقال ابن القيم: وأما عمرة الخارج إلى الحل، فلم تشرع، وعمرة عائشة زيادة محضة، ولم يشرع إلا عمرة مع الحج أو مفردة بسفر، لا من الحرم، وفي إجزاء العمرة من التنعيم نزاع.

<<  <  ج: ص:  >  >>