للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ثم حل) (١) لقوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} (٢) سواء كان في حج أو عمرة أو قارنًا (٣) وسواء كان الحصر عاما في جميع الحاج، أو خاصا بواحد، كمن حبس بغير حق (٤) .


(١) إن شاء، ولا يجب عليه، قال الوزير: اتفقوا على أن الإحصار بالعدو يبيح التحلل، وقال أبو حنيفة والشافعي، يجب عليه الهدي، ولا يتحلل إلا بهدي، ينحره وقت حصره في محله، وقال أبو حنيفة: في الحرم، وإذا أمكنه سلوك طريق آخر غلبت فيه السلامة، ووجدت شروط الاستطاعة لزمه سلوكه، وإن علم الفوت وتحلل بعمرة، والأولى لمعتمر وحاج، -اتسع زمن إحرامه- الصبر إن غلب على ظنه انكشاف العدو وإمكان الحج.
(٢) أي: وأردتم التحلل، إذ الإحصار بمجرده، لا يوجب هديًا، قال الشافعي: لا خلاف بين أهل التفسير، أن هذه الآية نزلت في حصر الحديبية، وفي الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في صلح الحديبية، لما فرغ من قضية الكتاب، لأصحابه «قوموا فانحروا ثم احلقوا» ولأن الحاجة داعية إلى الحل، لما في تركه من المشقة العظيمة، وهي منتفية شرعًا، والآية ظاهرة في حصر العدو، وحملها غير واحد على العموم في حق كل من أحصر، سواء كان قبل الوقوف، أو بعده، وبمكة أو غيرها، طاف بالبيت أو لم يطف لأن الله أطلق ولم يخص، اختاره الشيخ وغيره.
(٣) لأن الصحابة حلوا في الحديبية، وكانت عمرة ولا فرق بين الحج الصحيح والفاسد ولا قبل الوقوف ولا بعده.
(٤) أو أخذته اللصوص، يهدي ثم يحل، لعموم النصوص ووجود المعنى
في الكل، وأما من حبس بحق يمكنه الخروج منه، فلا يجوز له التحلل في الحبس، فإن كان عاجزًا فبغير حق، ولا قضاء على المحصر المتطوع، بحصر عام أو خاص، وإن اقترن به فوات الحج، إذ لم يرد الأمر به، وقد أحصروا عام الحديبية، ولم يعتمر منهم معه في عمرة القضية إلا البعض، فعلم أنها لم تكن قضاء، ولم ينقل أنه أمر الباقين بالقضاء، ولأنه تطوع جاز التحلل منه، مع صلا ح الزمان له، فلم يجب قضاؤه، وفارق الفوات، لأنه مفرط، بخلاف المحصر، وقال ابن القيم: لا يلزم المحصر هدي، ولا قضاء، لعدم أمر الشارع به اهـ ومعنى القضية: الصلح الذي وقع في الحديبية، ولا يرد عليه أن المحصر يلزمه القضاء، إذا أخر التحلل مع إمكانه حتى فاته، أو فاته ثم أحصر، أو زال الحصر والوقوف باق ولم يتحلل ومضى في النسك ففاته، أو سلك طريقا آخر ففاته، وذلك لأن القضاء في هذه الصور للفوات لا للحصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>