للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويسن تحسين الاسم (١) ويحرم بنحو عبد الكعبة، وعبد النبي، وعبد المسيح (٢) ويكره بنحو حرب ويسار (٣) .


(١) وفاقا لحديث «إنكم تدعون بأسمائكم، وأسماء آبائكم، فأحسنوا أسماءكم» رواه أبو داود: أي تدعون على رءوس الأشهاد بالاسم الحسن، والوصف المناسب له، وكان صلى الله عليه وسلم يحب الاسم الحسن، ولما جاء سهيل يوم الحديبية قال: «سهل أمركم» وفي تحسين الأسماء تنبيه على تحسين الأفعال.
(٢) وعبد علي، وعبد الحسين، وعبد النور، وروى ابن أبي شيبة عن شريح ابن هانئ، أنه وفد على النبي صلى الله عليه وسلم قوم، فسمعهم يسمون رجلا عبد الحجر، فقال: «إنما أنت عبد الله» وقال ابن حزم: اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله، كعبد عمر، وعبد الكعبة، وما أشبه ذلك، حاشا عبد المطلب، لأنه إخبار، كبني عبد الدار، وعبد شمس، ليس من باب إنشاء التسمية بذلك، ويحرم بنحو مالك الأملاك، ففي الصحيحين «إن أخنع اسم
عند الله رجل تسمى ملك الأملاك، لا مالك إلا الله» وكذا قاضي القضاة وسيد الناس.
(٣) كالعاص، وكلب، وشيطان، وعتلة، وحباب، وشهاب، وحنظلة، ومرة، وحزن، وحية، وثبت «أقبحها حرب ومرة» وكره صلى الله عليه وسلم
مباشرة الاسم القبيح من الأشخاص والأماكن، وذلك لأنه لما كانت الأسماء قوالب للمعاني، ودالة عليه، فتضمنت الحكمة الإلهية أن يكون بينها ارتباطا وتناسبا، وأن لا تكون معها بمنزلة الأجنبي المحض الذي لا تعلق له بها، فإن حكمة أحكم الحاكمين تأبى ذلك، والواقع يشهد بخلافه، بل لها تأثير في المسميات وللمسميات تأثر عن أسمائها في الحسن، والقبح، والخفة، والثقل، واللطافة، والكثافة.
وثبت «لا تسمين غلامك يسارا، ولا رباحا، ولا نجاحا، ولا أفلح، فإنك تقول: أثمة هو. فلا يكون، فيقال: لا» أي فتوجب تطيرا تكرهه النفوس، ويصدها عما هي بصدده، فاقتضت حكمة أحكم الحاكمين أن يمنعهم من أسماء توجب لهم سماع المكروه أو وقوعه، وأن يعدل عنها إلى أسماء تحصل المقصود من غير مفسدة، أو لئلا يسمى يسارا من هو أعسر الناس، ونجيحًا من لا نجاح عنده، ورباحا من هو من الخاسرين، فيكون قد وقع في الكذب، أو يطالب بمقتضى اسمه فلا يوجد عنده، فيجعل سببا لذمه، أو يعتقد في نفسه أنه كذلك فيقع في تزكية نفسه وتعظيمها، فيكره بالتقيف، والمتقي والراضي، والمحسن، والمرشد، ونهى الشارع أن يسمى «برة»
ويكره أن يستعمل الاسم الشريف المصون، في حق من ليس كذلك، والمهين في حق من ليس من أهله، وإن لقب بما يصدقه فعله جاز، ويحرم ما لم يقع على مخرج صحيح، ولا يكره بأبي القاسم بعد موته صلى الله عليه وسلم وقد وقع من الأعيان ولم ينكر، والجمع بين اسمه وكنيته ممنوع، جزم به في الغنية، ويجوز بأي فلان، وفلانة كبيرًا كان أو صغيرًا، إجماعًا، ويجوز التصغير مع عدم الأذى.
وقال أبو جعفر النحاس: لا نعلم بين العلماء خلافا أنه لا ينبغي أن يقول أحد
لأحد من المخلوقين: مولاي، ولا يقول: عبدك ولا عبدي، وإن كان مملوكا، ولمسلم «لا يقل أحدكم عبدي وأمتي، كلكم عبيد الله وإماؤه، ولا ربي ومولاي، فإن مولاكم الله» وقد حظر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم على المملوكين، فيكف بالأحرار، ومنهم من كره أن يقال: يا سيدي. أدبًا مع الله عز وجل، وأجازه بعضهم لغير منافق للخبر، وينبغي أن لا يرضى المخاطب بذلك، وأن ينكره، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «السيد الله تبارك وتعالى» الذي يستحق السيادة، وأحب التواضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>