للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنهما دخلا على أن يعملا (١) فإذا تعذر عليه العمل بنفسه لزمه أن يقيم مقامه (٢) توفية للعقد بما يقتضيه (٣) وللآخر الفسخ (٤) وإن اشتركا على أن يحملا على دابتيهما والأُجرة بينهما صح (٥) وإن أجَّراهما بأعينهما فلكل أجرة دابته (٦) ويصح دفع دابة ونحوها لمن يعمل عليها، وما رزقه الله بينهما على ما شرطاه (٧) .


(١) أي بأبدانهما في نوعيها، من تقبل عمل بأبدانهما في ذممهما، أو تملك مباح.
(٢) من يعمل، لدخولهما في الشركة على ذلك، و"مقامه" بضم الميم، ويجوز الفتح، بخلاف نحو: قام زيد مقام عمرو، فبالفتح لا غير.
(٣) من لزوم العمل مع شريكه.
(٤) أي فإن امتنع المريض ونحوه من أن يقيم مقامه فللآخر فسخ الشركة، بل له فسخها وإن لم يمتنع، لأنها غير لازمة.
(٥) لأنه نوع من الاكتساب، والدابتان آلتان، فأشبها الأداة، وتقبلهما الحمل أثبت الضمان في ذمتيهما.
(٦) أي وإن أجرا الدابتين بأعيانهما على حمل شيء، بأجرة معلومة، واشتركا على ذلك، لم تصح الشركة، ولكل واحد منهما أجرة دابته، لأنه لم يجب ضمان الحمل في ذممهما، وإنما استحق المكتري منفعة البهيمة.
(٧) أنصافًا، أو أثلاثا أو نحوه، نص عليه، وقال – فيمن دفع فرسه على النصف من الغنيمة – أرجو أن لا يكون به بأس، وقال – فيمن دفع عبده إلى رجل ليكتسب عليه، ويكون له ثلث ذلك، أو ربعه – فجائز، وكذا إن دفع
غزلا إلى رجل لينسجه، أو ثوبا إلى خياط ليفصله ويبيعه، ولأن الدابة ونحوها عين تنمي بالعمل عليها، فصح العقد ببعض نمائها، كالدراهم، والدنانير، وكالشجر في المساقاة، والأرض في المزارعة، وإن اشترك ثلاثة، من أحدهم دابة، ومن آخر راوية، ومن آخر العمل، على أن ما رزق الله بينهما صح، وهذا قول الشافعي، وإن جمعا بين شركة العنان، والوجوه، والأبدان صح.
قال الشيخ وغيره: وليس لولي الأمر المنع بمقتضى مذهبه في شركة الأبدان، والوجوه، والمساقاة، والمزارعة، ونحوها مما يسوغ فيه الاجتهاد. قال: وتصح شركة الشهود: واقتصر عليه في الفروع، قال الشيخ: وللشاهد أن يقيم مقامه إن كان الجعل على عمل في الذمة، وإن كان على شهادة بعينه فوجهان، قال: والأصح جوازه، وللحاكم إكراههم، لأن له نظرا في العدالة وغيرها، وقال أيضًا: إن اشتركوا على أن كل ما حصله كل واحد منهم بينهم، بحيث إذا كتب أحدهم، وشهد، شاركه الآخر، وإن لم يعمل، فهي شركة أبدان، تجوز حيث تجوز الوكالة، وشركة الدلالين تصح عند بعضهم. وقال: نص أحمد على جوازها، وذكر الموفق قياس المذهب جوازها، وصوبه في الإنصاف.
قال الشيخ: ووجه صحتها أن بيع الدلال وشراءه، بمنزلة خياطة الخياط، وتجارة التاجر، وسائر الأجراء المشتركين، لكل منهم أن يستنيب، وإن لم يكن للوكيل أن يوكل، ومأخذ من منع أن الدلالة من باب الوكالة، وسائر الصناعات من باب الإجارة وليس الأمر كذلك، ومحل الخلاف في الاشتراك في الدلالة التي فيها عقد، فأما مجرد النداء، والعرض، وإحضار الزبون، فلا خلاف في جوازه، وتسليم الأموال إليهم، مع العلم بالشركة إذن لهم، وإن باع كل واحد ما أخذ، ولم يعط غيره، واشتركا في كسب، جاز في أظهر الوجهين، كالمباح، ولئلا تقع منازعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>