للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الظئر فلقوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} (١) ويشترط لصحة العقد العلم بمدة الرضاع (٢) ومعرفة الطفل بالمشاهدة، وموضع الرضاع (٣) ومعرفة العوض (٤) .


(١) أي (وعلى المولود له) وهو الأب (رزقهن) طعامهن (وكسوتهن) لباسهن (بالمعروف) أي على قدر الميسرة، وبما جرت به عادة أمثالهن في بلدهن، من غير إسراف ولا إقتار، ويأتي قول الشيخ: فدلت الآية على صحتها في الظئر بطعامها وكسوتها، وقياسها الأجير، وهما عند التنازع كزوجة.
(٢) لأنه لا يمكن تقديره إلا بها، لأن السقي والعمل فيها يختلف.
(٣) أي ويشترط معرفة الطفل بالمشاهدة، لأن الرضاع يختلف باختلاف كبره، وصغره، ونهمته، وقناعته، وصوب في الإنصاف أنه تكفي صفته، ويشترط معرفة موضع الرضاع، هل هو عند المرضعة، أو عند وليه، لأنه يختلف فيشق عليها في بيت المستأجر، ويسهل في بيتها.
(٤) أي ويشترط معرفة العوض لما تقدم، جزم بذلك الموفق وغيره، وقال الشيخ: لا يفتقر إلى تقدير عوض، ولا إلى صيغة، بل ما جرت العادة بأنه إجارة فهو إجارة يستحق فيه أجرة المثل، في أظهر قولي العلماء، لعموم ما تقدم من قوله (بالمعروف) وأجمع العلماء على استئجار الظئر للآية، ودعاء الحاجة، وإن أطلق العقد على الرضاع دخلت فيه الحضانة، صوبه في الإنصاف، لأن العرف جار بأن المرضعة تحضن، فحمل الإطلاق عليه.
وقال ابن القيم – في قول من قال: إن الرضاع يتبع الحضانة -: الله يعلم والعقلاء قاطبة أن الأمر ليس كذلك، وأن وضع الطفل في حجرها ليس مقصودًا أصلاً، ولا ورد عليه عقد الإجارة، لا عرفًا، ولا حقيقة، ولا شرعا، ولو أرضعت الطفل وهو في حجر غيرها، أو في مهده لاستحقت الأجرة ويأتي،
وأما الزوجة. فقال القاضي: لا يستأجر زوجته لرضاع، وقال الشيرازي: لأنه استحق نفعها. وعند الشيخ لا أجرة لها مطلقًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>