للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأكل ما مست النار (١) غير لحم الإبل (٢) ولا يسن الوضوء منهما (٣) (ومن تيقن الطهارة وشك) أي تردد (في الحدث (٤) .


(١) أي لا نقض به لقول جابر: كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار، ورواه أبو داود والترمذي، وفي الصحيح أنه أكل من كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ وأكل سويقا ولم يتوضأ.
(٢) فينقض لأن أحاديث الأمر بالوضوء منه خاصة، وأحاديث عدم الوضوء مما مست النار عامة، والخاص مقدم على العام، وقال الشيخ: وهذا الخاص متأخر على العام، وقد اتفق العلماء على تقديم الخاص المتأخر، ولحم الإبل لم يتوضأ منه لأجل مس النار بل لمعنى يختص به.
(٣) أي من القهقهة وأكل ما مست النار، بخلاف الكلام المحرم فيسن الوضوء منه، قال الشيخ: لا ينتقض عند الجمهور، ولكن يستحب في أقوى الوجهين، وقال في القهقهة كذلك، لكونه أذنب ذنبا، وللخروج من الخلاف، فإن مذهب أبي حنيفة: ينقض الوضوء اهـ، وما أوجب الطهارة لا فرق فيه بين التعبد وغيره، لقوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} وهي تكون باحتلام وغيره، وأمره في المذي بالوضوء، وهو يخرج بلا قصد وغير ذلك.
(٤) بنى على يقين الطهارة، وتقدم أن اليقين ضد الشك، وفي الاصطلاح: اعتقاد الشيء بأنه كذا مع اعتقاد أنه لا يمكن إلا كذا مطابقا للواقع غير ممكن الزوال، وقال الموفق: ما أذعنت النفس للتصديق به، وقطعت به وقطعت بأن قطعها به صحيح، والشك خلاف اليقين عند الفقهاء، وهو التردد بين شيئين سواء استوى طرفاه أو رجح أحدهما على الآخر، وتقدم أن التردد بين وجود الشيء وعدمه كله يسمى في اللغة وعند الفقهاء شكًا سواء المستوي والراجح والمرجوح وقال ابن القيم: مرادهم به التردد بين وجود الشيء وعدمه، سواء تساوي الاحتمالان أو رجح أحدهما.
والقاعدة: كل مشكوك اجعله كالعدم، ويأتي قول ابن عمر نهى عن صوم يوم الشك، اطراحا لأعمال الشك، فهو أصل عظيم من الفقه أن لا يدع الإنسان ما هو عليه من الحال المتيقنة إلا بيقين في انتقالها، فمتى تيقن الطهارة وشك في الحدث فهو على الطهارة إجماعا، حكاه غير واحد إلا رواية عن مالك أنه يبنى على الحدث، وقال ابن رشد: لم يتابعه على هذا غيره، والثانية عنه كمذهب الجماعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>