للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ولا تصح) الإجارة (على عمل يختص أن يكون فاعله من أهل القربة) أي مسلما (١) كالحج والأَذان وتعليم القرآن (٢) لأَن من شرط هذه الأفعال كونها قربة إلى الله تعالى، فلم يجز أَخذ الأجرة عليها (٣) .


(١) أما ما لا يتعدى نفعه فاعله، من العبادات المحضة، كالصيام، وصلاة الإنسان لنفسه، وحجه عن نفسه، وأداء زكاة نفسه، فلا يجوز أخذ الأجرة عليه بلا خلاف، لأن الأجر عوض للانتفاع، ولم يحصل لغيره ههنا انتفاع، وأما ما يقع تارة قربة، وتارة غير قربة كتعليم الخط، والحساب، والشعر، وشبهه، وبناء المساجد، والقناطر، فيجوز أخذ الأجرة عليه قولاً واحدًا، لأن صاحبه لا يختص أن يكون من أهل القربة، واختلفوا فيما مثل به.
(٢) وكذا إقامة، وإمامة، وقضاء، وتعليم فقه، وحديث فلا تصح، هذا مذهب أبي حنيفة، لخبر «اقرؤا القرآن، ولا تأكلوا به» رواه أبو داود. وخبر «اتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرًا» .
(٣) والاستئجار يخرجها عن ذلك. وعنه: يجوز، وقال: التعليم أحب إلي من أن يتوكل لهؤلاء السلاطين، أو لرجل من عامة الناس في ضيعة، ومن أن يستدين ويتجر، لعله لا يقدر على الوفاء، فيلقى الله بأمانات الناس، التعليم أحب إلي، ويدل على أن منعه منه للكراهة لا التحريم.
وأجازه مالك والشافعي، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوج رجلا بما معه من القرآن، وقال «أحق ما أخذتم عليه أجرًا كتاب الله» وبه استدل الجمهور، ولخبر الرقية بالفاتحة، وقوله «كلوا واضربوا لي معكم بسهم» ولأنه يجوز أخذ الرزق والجعل عليه، فجاز أخذ الأجر، كبناء المساجد، ولحاجة الاستنابة في الحج، عمن وجب عليه، وعجز عن فعله، وجوزه شيخ الإسلام للحاجة، وقال: من جوزه فلأنه نفع يصل إلى المستأجر، كسائر النفع، وجوز إيقاعها عبادة في هذه الحال، لما فيها مع النفع، واستثنى الأكثر الإمامة.

<<  <  ج: ص:  >  >>