للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَو إعطاء ليستووا (١) لقوله - عليه السلام - «اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم» متفق عليه مختصرًا (٢) .


(١) أي أو إعطاء المفضول ولو في مرض الموت، ليستووا بمن فضل أو خص كما لو زوج أحد ابنيه في صحته وأدى عنه الصداق، ثم مرض الأب فإنه يعطي ابنه الآخر كما أعطى الأول، ليحصل التعديل بينهما، ولا يحسبه من الثلث، لأنه تدارك للواجب، أشبه قضاء الدين.
(٢) من حديث النعمان بن بشير أن أباه أتى به النبي صلى الله عليه وسلم، ومن حديث جابر عند مسلم: أن امرأة بشير قالت: انحل ابنى غلاما، وأشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال بشير: إنى نحلت ابني هذا غلاما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أكل ولدك نحلته مثل هذا» ؟ فقال: لا؛ قال «فارجعه» ولمسلم «اردده» وفي رواية «أفعلت هذا بولدك كلهم» قال: لا، قال «فاتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم» ولأحمد وغيره: فرجع أبي في تلك العطية. وله ألفاظ كثيرة، فدل على وجوب العدل بين الأولاد في العطية، وهو قول جمهور العلماء، وقال ابن القيم - بعد أن ساق ألفاظ الحديث ـ: وكل هذه ألفاظ صحيحة صريحة في التحريم والبطلان من عشرة أوجه، تؤخذ من الحديث.
قال الشيخ: والحديث والآثار تدل على وجوب التعديل بينهم في غير التمليك، وهو في ماله ومنفعته التي ملكهم، والذي أباحهم، كالمسكن، والطعام، قال: ثم هنا نوعان، نوع يحتاجون إليه من النفقة في الصحة والمرض، ونحو ذلك، فتعديله فيه أن يعطي كل واحد ما يحتاج إليه، ولا فرق بين محتاج قليل أو كثير، ونوع تشترك حاجتهم إليه من عطية، أو نفقة، أو تزويج، فهذا لا ريب في تحريم التفاضل فيه، وينشأ من بينهما نوع ثالث، وهو أن ينفرد أحدهما بحاجة غير معتادة مثل أن يقضي عن أحدهما ما وجب عليه من أرش جناية، أو يعطي عنه المهر، أو يعطيه نفقة الزوجية، ونحو ذلك، ففي وجوب إعطاء الآخر مثل ذلك نظر، وتجهيز البنات بالنحل أشبه، والأشبه في هذا أن يكون بالمعروف، فلو كان أحدهما محتاجا دون الآخر أنفق عليه قدر كفايته، وأما الزيادة فمن
النحل.
قال الموفق وغيره: وإن أعطاه لمعنى فيه، من حاجة أو زمانة، أو عمى أو كثرة عائلة، أو لاشتغاله بالعلم، ونحوه كصلاحه، أو منع بعض ولده لفسقه، أو بدعته، أو لكونه يعصى الله بما يأخذه ونحوه جاز التخصيص، والتفضيل، وبدون معنى، تجب التسوية برجوع أو زيادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>