للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إن عينه) الداعي (١) (ولم يكن ثم) أي في محل الوليمة (منكر) (٢) لحديث أبي هريرة يرفعه «شر الطعام طعام الوليمة (٣) يمنعها من يأْتيها، ويدعى إليها من يأْبها (٤) ومن لا يجب فقد عصى الله ورسوله» رواه مسلم (٥) .


(١) أي إنما تجب إجابة دعوة المسلم إلى الوليمة إن عين رجلا بعينه أو جماعة معينين، ولو كان المدعو عبدا يأذن سيده، أو مكاتبًا لم تضر بمكسبه.
(٢) كزمر، وخمر، وآلة لهو، والفرق بينها وبين الجنازة – كما قال الشيخ – أن الحق في الجنازة للميت، فلا يترك حقه لما فعله الحي من المنكر، والحق في الوليمة لصاحب البيت، فإذا أتى فيها بالمنكر فقد أسقط حقه من الإجابة.
(٣) سماه شرا لما ذكر، فكأنه قال: شر الطعام الذي شأنه كذا. أو شر الطعام الذي من شأنه كذا، وبين شريته فقال: «بمنعها من يأتيها» .
(٤) «يدعى إليها من يأباها» وهم الأغنياء «ويمنعها من يأتيها» وهم الفقراء، وفي رواية «تدعى لها الأغنياء، وتترك الفقراء» وكان من عادة أهل الجاهلية، ولم يرد أن كل وليمة طعامها شر الطعام، فإنه لو أراد ذلك لما أمر بها، ولا ندب إليها، ولا أوجب الإجابة إليها، ولا فعلها صلى الله عليه وسلم.
(٥) ولحديث ابن عمر «إذا دعي أحدكم إلى الوليمة، فليأتها» رواه البخاري، ولهما عنه مرفوعا «أجيبوا هذه الدعوة إذا دعيتم إليها» فدلت هذه الأحاديث وغيرها على تأكد الإجابة، وإن كان المدعو مريضا – أو ممرضا، أو مشغولاً بحفظ مال، أو في شدة حر أو برد، أو مطر يبل الثياب، أو وحل، أو كان أجيرًا ولم يأذن له المستأجر – لم تجب الإجابة.
وقال بعض أهل العلم: يكره لأهل العلم والفضل الإسراع إلى الإجابة،
والتسامح فيه، لأن فيه بذلة ودناءة وشرها، لا سيما القاضي، لأنه ربما كان ذريعة للتهاون به، وعدم المبالاة، وفي الترغيب: إن علم حضور الأراذل، ومن مجالستهم تزري بمثله لم تجب، وقال الشيخ: لم أره لغيره، وهذا الشرط لا أصل له، وهذه شبهة الحجاج بن أرطاة، وهو نوع من التكبر، فلا يلتفت إليه، نعم: إن كانوا يتكلمون بكلام محرم، فقد اشتملت على محرم، وإن كان مكروها فقد اشتملت على مكروه.

<<  <  ج: ص:  >  >>