للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وعكسه الآثم) (١) فيقع طلاق السكران طوعا (٢) ولو خلط في كلامه (٣) أو سقط تمييزه بين الأعيان (٤) .


(١) أي بشربه ما يسكره، من نحو خمر، مما يحرم استعماله، كالحشيشة المسكرة، وألحقها الشيخ بالشراب المسكر، حتى في الحد، وفرق بينها وبين البنج بأنها تشتهى وتطلب.
(٢) بخلاف من أكره عليه.
(٣) أي هذي في كلامه؛ وقيل: هو الذي يختل في كلامه المنظوم، ويبيح بسره المكتوم.
(٤) قيل: فلا يعرف متاعه من متاع غيره؛ أو لا يعرف السماء من الأرض، ولا الذكر من الأنثى، هذا المذهب، وعنه: لا يقع. وقد فرق بعض أهل العلم بين السكر المحرم وغيره، والقائلون بعدم وقوع طلاق السكران احتجوا بزوال التكليف، والله تعالى نهى عن قربان الصلاة، وقال {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} والسكران لا يعلم ما يقول، ومن كان كذلك فكيف يكون مكلفا وهو غير فاهم ما يقول، فالأحكام لا تختلف بين أن يكون ذهاب عقله بسبب من جهته، أو من جهة غيره، وليس إسقاطًا منهم لحكم المعصية، بل لعدم مناط التكليف، وحمزة لما ثمل، وقال: ما أنتم إلا عبيد أبي؛ لم يلزمه رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم تلك الكلمة، وقال ابن المنذر: ثبت عن عثمان، ولا نعلم أحدًا من الصحابة خالفه.
وقال الشيخ: لا يقع طلاق السكران، ولو بسكر محرم، وهو رواية عن أحمد. قال الزركشي: ولا يخفى أن أدلة هذه الرواية أظهر. ونقل الميموني الرجوع عما سواها، فقال: كنت أقول: يقع طلاق السكران. حتى تبينته فغلب علي أنه لا يقع.
وقال ابن القيم: زائل العقل إما بجنون، أو إغماء أو شرب دواء أو شرب مسكر؛ لا يعتد به، واختلف المتأخرون فيه، والثابت عن الصحابة – الذي لا يعلم فيه خلاف بينهم – أنه لا يقع طلاقه، وثبت في الصحيح عن عثمان، وابن عباس في السكران ونحوه، ولا يعرف عن رجل من الصحابة أنه خالفهما في ذلك، وذكر رجوع أحمد كما قال الشيخ، وقال عقبه: لا يجوز طلاق الموسوس.

<<  <  ج: ص:  >  >>