للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم النفقة فيه (١) ثم تعلم العلم وتعليمه (٢) .


(١) أي في الجهاد لقوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ} وحديث «من أنفق نفقة في سبيل الله كتبت بسبع مائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة» ، وغيره ذلك فالنفقة ونحوها فيه أفضل من النفقة في غير من أعمال البر، وكذا غير النفقة كخلف الغازي في أهله وغير ذلك.
(٢) قال تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللهُ} وتواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم «أن طلب العلم فريضة على كل مسلم» ، وفي الحديث «فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم» ، وغير ذلك، وقال أحمد: طلب العلم أفضل الأعمال لمن صحت نيته قيل له: أي شيء تصحيح النية؟ قال: ينوى يتواضع فيه، وينفي عنه الجهل، والمراد نفل العلم، لأنه لا تعارض بين نفل وواجب، فقد قال: يجب أن يتعلم ما يقوم به دينه، مثل صلاته وصيامه ونحو ذلك، وجوبا عينيًا، لا رخصة فيه فورًا في الفوري، وموسعا في الموسع، وقال: العلم لا يعدله شيء، والناس إليه أحوج منهم إلى الطعام والشراب، وقال: تعلم العلم وتعليمه أفضل من الجهاد وغيره، وقال مالك وأبو حنيفة: أفضل ما تطوع به العلم وتعليمه، وقال الشيخ تعلم العلم وتعليمه يدخل بعضه في الجهاد، وأنه نوع من أنواع الجهاد، من جهة أنه من فروض الكفايات، قال: والعلم خير ما أنفقت فيه الأنفاس، وبذلت فيه المهج، قال أبو الدرداء: العالم والمتعلم في الأجر سواء، وسائر الناس همج لا خير فيهم، وقال النووي: اتفق جماعات السلف على أن الاشتغال بالعلم أفضل من الاشتغال بنوافل الصلاة والصوم والتسبيح ونحو ذلك من أعمال البدن اهـ فهو نور القلوب وحياة الإسلام والمسلمين، بل هو الميراث النبوي، فإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر، قال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} {يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} {إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} وقال صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين» ومفهومه أن من لم يتفقه في الدين فقد حرم الخير، فهو أفضل الأعمال وأقربها إلى الله، وأهله هم أهل الله وحزبه وأولاهم به وأقربهم إليه، وأخشاهم له، وهو في غاية الوضوح، فلا يحتاج إلى تعريف هو أبين من أن يبين، ولم يأمر الله نبيه من الازدياد من شيء إلا منه، فقال: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} والمراد من العلم العلم الشرعي، الذي يفيد معرفته ما يجب على المكلف من أمر دينه الذي لا حياة له إلا به.

<<  <  ج: ص:  >  >>