للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(من سافر) أي نوى (سفرًا مباحًا) أي غير مكروه ولا حرام (١) .


(١) سن له قصر الرباعية ركعتين، وأجمعوا على جوازه في سفر الطاعة وأما السفر المحرم فمذهب مالك والشافعي وأحمد لا يقصر، وعن أحمد يقصر في سائر جنس الأسفار، وهو مذهب أبي حنيفة وطوائف من السلف والخلف، قال الموفق: الحجة مع من أباح القصر لكل مسافر، إلا أن ينعقد الإجماع على خلافه، وقال شيخ الإسلام: الحجة مع من جعل القصر مشروعًا في جنس السفر، ولم يخص سفرًا من سفر، وهذا القول هو الصحيح، فإن الكتاب والسنة قد أطلقا السفر، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خص سفرًا من سفر، ولو كان مما يختص بنوع لكان بيانه من الواجبات، ولو بين لنقلته الأمة، وما علمت عن الصحابة في ذلك شيئًا، ولم يذكر تقييده في شيء من الكتاب والسنة بنوع دون نوع، فكيف يجوز أن يكون معلقًا بأحد نوعي السفر؟ ولا يبين الله ولا رسوله ذلك، بل يكون بيان الله ورسوله متناولاً سفر الطاعة وسفر المعصية.
وقال أيضًا: ويجوز قصر الصلاة في كل ما يسمى سفرًا، قل أو كثر، وسواء كان مباحا أو محرما ونصره ابن عقيل، وقاله بعض المتأخرين من أصحاب أحمد والشافعي اهـ وعليه العمل، وأما من ارتكب المعاصي في سفره فله الترخص بلا خلاف، لأنه ليس ممنوعًا من السفر، وإنما منع من المعصية، وقول الشارح «نوى» صرفٌ لعبارة الماتن عن مقتضاها كالمنقح لما يرد عليها، كخروج من طلب ضالة أو آبقًا جاوز ستة عشر فرسخا على التقييد به، فإنه يصدق عليه أنه مسافر، وكون المعتبر المسافة لا حقيقتها فلو نواها ثم رجع قبل استكمالها وقد قصر لم يعد، لكن قد يقال بأنه قد ينوي السفر ولا يسافر، فيرد على عبارة الشارح عدم الاكتفاء بالنية، ويجاب بأنه إذا فارق عامر قريته يدل على السفر، إلا أنه يحتاج إلى إضمار: إذا فارقها مسافرًا، وقال عثمان: الأخلص في العبارة أن يقال: من ابتدأ سفرًا مباحًا ناويًا، فله القصر إذا فارق.. إلخ، والسفر قطع المسافة، وجمعه أسفار، سمي بذلك لأنه يسفر عن أخلاق الرجال أي يكشفها وقيل غير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>