للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: هُوَ السَّعَادَةُ فِي الذِّكْرِ الْأَوَّلِ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: هُوَ شَفَاعَةُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَالَ عَطَاءٌ: مَقَامُ صِدْقٍ لا زوال وَلَا بُؤْسَ فِيهِ. وَقِيلَ: مَنْزِلَةٌ رَفِيعَةٌ. وَأُضِيفَ الْقَدَمُ إِلَى الصِّدْقِ وَهُوَ نَعْتُهُ، كَقَوْلِهِمْ: مَسْجِدُ الْجَامِعِ، وَحَبُّ الْحَصِيدِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: كُلُّ سَابِقٍ فِي خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ فَهُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ قَدَمٌ يُقَالُ لِفُلَانٍ قَدَمٌ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَهُ عِنْدِي قَدَمُ صِدْقٍ وَقَدَمُ سُوءٍ، وَهُوَ يُؤَنَّثُ فَيُقَالُ: قَدَمٌ صَالِحَةٌ. قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هَذَا لَساحِرٌ مُبِينٌ، قَرَأَ نَافِعٌ وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ وَالشَّامِ: «لَسِحْرٌ» بِغَيْرِ أَلْفٍ يَعْنُونَ الْقُرْآنَ، وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ: «لَسَاحِرٌ» بِالْأَلْفِ، يَعْنُونَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ، يَقْضِيهِ وَحْدَهُ، مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ، مَعْنَاهُ أَنَّ الشُّفَعَاءَ لَا يَشْفَعُونَ إِلَّا بِإِذْنِهِ، وَهَذَا رَدٌّ عَلَى النَّضِرِ بْنِ الْحَارِثِ فَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِذَا كان يوم القيامة تشفع عني [١] اللَّاتُ وَالْعُزَّى. قَوْلُهُ تَعَالَى: ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ، يَعْنِي: الَّذِي فَعَلَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ رَبُّكُمْ لَا رَبَّ لكم سواه، فَاعْبُدُوهُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ، تَتَّعِظُونَ.

إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا، صِدْقًا لَا خِلْفَ فِيهِ. نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ، أَيْ: وَعَدَكُمْ وَعْدًا حقا إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ، أَيْ: يُحْيِيهِمُ ابْتِدَاءً ثُمَّ يُمِيتُهُمْ ثُمَّ يُحْيِيهِمْ، قِرَاءَةُ الْعَامَّةِ: إِنَّهُ بِكَسْرِ الْأَلْفِ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ، وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ «أَنَّهُ» بِالْفَتْحِ عَلَى مَعْنَى بِأَنَّهُ أو لأنه، لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ، بِالْعَدْلِ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ، مَاءٌ حَارٌّ انْتَهَى حَرُّهُ [٢] ، وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ.

[[سورة يونس (١٠) : الآيات ٥ الى ٧]]

هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذلِكَ إِلَاّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥) إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ (٦) إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ (٧)

هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً، بِالنَّهَارِ، وَالْقَمَرَ نُوراً، بِاللَّيْلِ. وَقِيلَ: جَعَلَ الشَّمْسَ ذَاتَ ضِيَاءٍ، وَالْقَمَرَ ذَا نُورٍ، وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ، أَيْ: قَدَّرَ لَهُ يَعْنِي هَيَّأَ لَهُ مَنَازِلَ لَا يُجَاوِزُهَا وَلَا يَقْصُرُ دُونَهَا، وَلَمْ يَقُلْ: قَدَّرَهُمَا. قِيلَ: تَقْدِيرُ الْمَنَازِلِ يَنْصَرِفُ إِلَيْهِمَا غَيْرَ أَنَّهُ اكْتَفَى بِذِكْرِ أَحَدِهِمَا، كَمَا قَالَ: وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ [التَّوْبَةِ: ٦٢] . وَقِيلَ: هُوَ يَنْصَرِفُ إلى القمر خاصة لأن بالقمر يعرف انْقِضَاءُ الشُّهُورِ وَالسِّنِينَ لَا بِالشَّمْسِ، وَمَنَازِلُ الْقَمَرِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ مَنْزِلًا وأسماؤها: الشرطين والبطين والثريا وَالدُّبْرَانُ، وَالْهَقْعَةُ وَالْهَنْعَةُ وَالذِّرَاعُ وَالنِّسْرُ [٣] ، والطرف [٤] وَالْجَبْهَةُ وَالزُّبْرَةُ وَالصِّرْفَةُ وَالْعُوَاءُ، وَالسِّمَاكُ وَالْغَفْرُ وَالزِّبَانِيُّ [٥] وَالْإِكْلِيلُ وَالْقَلْبُ، وَالشَّوْلَةُ والنعائم وَالْبَلْدَةُ وَسَعْدُ الذَّابِحِ وَسَعْدُ بَلْعٍ، وَسَعْدُ السُّعُودِ وَسَعْدُ الْأَخْبِيَةِ، وَفَرْعُ]

الدَّلْوِ الْمُقَدَّمِ وَفَرْعُ [٧] الدَّلْوِ الْمُؤَخَّرِ، وَبَطْنُ الْحُوتِ، وَهَذِهِ الْمَنَازِلُ مَقْسُومَةٌ على


(١) في المطبوع «تشفعني» .
(٢) العبارة في المخطوط «ماء حارّ حرّ شديد» .
(٣) في المخطوط «النثرة» .
(٤) في المطبوع «الطوف» .
(٥) في المخطوط «الزيانان» .
(٦) في المطبوع «فرغ» والمثبت عن المخطوط.
(٧) في المطبوع «فرغ» . [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>