للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قالُوا، يَعْنِي: الْمُشْرِكِينَ، اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً، وَهُوَ قَوْلُهُمُ الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ، عَنْ خَلْقِهِ، لَهُ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ، عَبِيدًا وَمُلْكًا، إِنْ عِنْدَكُمْ، [أي] [١] :

مَا عِنْدَكُمْ، مِنْ سُلْطانٍ، حُجَّةٍ وبرهان، ومِنْ صلة [تقديره: ما عندكم سُلْطَانٍ] [٢] ، بِهذا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ.

قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (٦٩) ، لَا يَنْجُونَ، وَقِيلَ: لَا يَبْقَوْنَ فِي الدُّنْيَا، وَلَكِنْ: مَتاعٌ، قَلِيلٌ يَتَمَتَّعُونَ بِهِ وَبَلَاغٌ يَنْتَفِعُونَ بِهِ إِلَى انْقِضَاءِ آجَالِهِمْ، ومَتاعٌ رُفِعَ بِإِضْمَارٍ، أَيْ:

هُوَ مَتَاعٌ، فِي الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ.

[[سورة يونس (١٠) : الآيات ٧١ الى ٧٣]]

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ (٧١) فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَاّ عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٧٢) فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (٧٣)

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ، أَيِ: اقْرَأْ يَا مُحَمَّدُ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ خَبَرَ نُوحٍ، إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ، وَهُمْ وَلَدُ قَابِيلَ، يَا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ، عَظُمَ وَثَقُلَ عَلَيْكُمْ، مَقامِي طول [عمري] [٣] ومكثي فِيكُمْ وَتَذْكِيرِي، وَوَعْظِي إِيَّاكُمْ بِآياتِ اللَّهِ، بِحُجَجِهِ وَبَيِّنَاتِهِ [٤] فَعَزَمْتُمْ عَلَى قَتْلِي وَطَرْدِي فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ، أَيْ: أَحْكِمُوا أَمْرَكُمْ واعْزِمُوا عَلَيْهِ، وَشُرَكاءَكُمْ، أَيْ: وَادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ أَيْ آلِهَتَكُمْ فَاسْتَعِينُوا بِهَا لتجتمع معكم [على ما أردتموه مني] [٥] . قال الزَّجَّاجُ: مَعْنَاهُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ مَعَ شُرَكَائِكُمْ، فَلَمَّا تَرَكَ (مَعَ) انْتَصَبَ. وقرأ يعقوب: شركاؤكم رَفْعٌ، أَيْ: فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ أَنْتُمْ وشركاؤكم. [وقرأ رويس عن يعقوب فَأَجْمِعُوا بِوَصْلِ الْأَلِفِ وَفَتْحِ الْمِيمِ، والوجه من جمع يجمع، والمراد: فاجمعوا ذوي أمركم، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، والمعنى: اجمعوا رؤساءكم] [٦] ، ثُمَّ لَا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً، أَيْ: خَفِيًّا مُبْهَمًا، مِنْ قَوْلِهِمْ: غَمَّ الْهِلَالُ عَلَى النَّاسِ، أي: أشكل عليهم وخفي، ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ، أَيِ: أَمْضُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ وَافْرَغُوا مِنْهُ، يُقَالُ: قَضَى فُلَانٌ إِذَا مَاتَ وَقَضَى دَيْنَهُ إِذَا فَرَغَ مِنْهُ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ تَوَجَّهُوا إِلَيَّ بِالْقَتْلِ وَالْمَكْرُوهِ. وَقِيلَ: فَاقْضُوا مَا أَنْتُمْ قَاضُونَ، وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِ السَّحَرَةِ لِفِرْعَوْنَ: فَاقْضِ مَا أَنْتَ قاضٍ [طَهَ: ٧٢] ، أَيِ: اعْمَلْ مَا أَنْتَ عَامِلٌ، وَلا تُنْظِرُونِ، وَلَا تُؤَخِّرُونَ وَهَذَا عَلَى طَرِيقِ التَّعْجِيزِ، أَخْبَرَ الله عن نوح [صلاة الله وسلامه عليه] [٧] أَنَّهُ كَانَ وَاثِقًا بِنَصْرِ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرَ خَائِفٍ مِنْ كَيْدِ قَوْمِهِ، عِلْمًا مِنْهُ بِأَنَّهُمْ وَآلِهَتَهُمْ لَيْسَ إِلَيْهِمْ نَفْعٌ وَلَا ضُرٌّ، إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ.

فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ، أَعْرَضْتُمْ عَنْ قَوْلِي وَقَبُولِ نُصْحِي، فَما سَأَلْتُكُمْ، عَلَى تَبْلِيغِ الرسالة والدعوة، مِنْ أَجْرٍ، من جُعْلٍ وَعِوَضٍ، إِنْ أَجْرِيَ، مَا أَجْرِي وَثَوَابِي، إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ


(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) ما بين المعقوفتين زيد في المطبوع.
(٣) زيد في المطبوع.
(٤) في المخطوط «بيانه» .
(٥) زيادة عن المخطوط. [.....]
(٦) ما بين المعقوفتين زيد في المطبوع.
(٧) زيادة عن المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>