للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ، أَيْ التبليغ البين.

قوله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ.

«١٥٤٢» قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: فِي هَذِهِ الْآيَةِ مَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بعد الوحي بمكة عَشْرَ سِنِينَ مَعَ أَصْحَابِهِ، وَأُمِرُوا بِالصَّبْرِ عَلَى أَذَى الْكَفَّارِ، وَكَانُوا يُصْبِحُونَ وَيُمْسُونَ خَائِفِينَ ثُمَّ أُمِرُوا بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَأُمِرُوا بِالْقِتَالِ وَهُمْ عَلَى خَوْفِهِمْ لَا يُفَارِقُ أَحَدٌ مِنْهُمْ سِلَاحَهُ فَقَالَ رَجُلٌ منهم: أما يأتي علينا يوم نؤمن فِيهِ وَنَضَعُ السِّلَاحَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ.

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ أَدْخَلَ اللَّامَ لِجَوَابِ الْيَمِينِ الْمُضْمَرَةِ، يَعْنِي وَاللَّهِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ أَيْ لَيُوَرِّثَنَّهُمْ أَرْضَ الْكُفَّارِ مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ، فَيَجْعَلُهُمْ مُلُوكَهَا وَسَاسَتَهَا وَسُكَّانَهَا، كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ، قَرَأَ أَبُو بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ «كَمَا اسْتُخْلِفَ» بِضَمِّ التَّاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَاللَّامِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَعَدَ اللَّهُ قَالَ قَتَادَةُ: «كَمَا اسْتَخْلَفَ» دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَغَيْرَهُمَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ. وَقِيلَ: كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ أَيْ بَنِي إِسْرَائِيلَ حَيْثُ أَهْلَكَ الْجَبَابِرَةَ بِمِصْرَ وَالشَّامِ وَأَوْرَثَهُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ، وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ، أَيْ اخْتَارَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُوَسِّعُ لَهُمْ فِي الْبِلَادِ حَتَّى يُمَلَّكُوهَا وَيُظْهِرَ دِينَهُمْ عَلَى سَائِرِ الْأَدْيَانِ، وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ، قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو بَكْرٍ وَيَعْقُوبُ بِالتَّخْفِيفِ مِنَ الْإِبْدَالِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّشْدِيدِ مِنَ التَّبْدِيلِ، وَهُمَا لُغَتَانِ، وَقَالَ بعضهم: التبديل تغير حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَالْإِبْدَالُ رَفْعُ الشَّيْءِ وَجَعْلُ غَيْرِهِ مَكَانَهُ، مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي، آمِنِينَ، لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً، فَأَنْجَزَ اللَّهُ وَعْدَهُ وَأَظْهَرَ دِينَهُ وَنَصَرَ أَوْلِيَاءَهُ وَأَبْدَلَهُمْ بَعْدَ الْخَوْفِ أَمْنًا وَبَسْطًا فِي الْأَرْضِ.

«١٥٤٣» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَنَا مُحَمَّدُ بن الحكم أنا النضر أنا إسرائيل أنا سعد الطائي [١] أنا محل [٢] بن خليفة عن


١٥٤٢- أخرجه الطبري ٢٦٧٩ عن أبي العالية مرسلا بأتم منه.
ووصله الحاكم ٢/ ٤٠١ والواحدي ٦٤٧ والبيهقي في «الدلائل» ٣/ ٦- ٧ عن أبي بن كعب به، وإسناده لا بأس به.
وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
- وذكره الهيثمي في «المجمع» ٧/ ٨٣ باختصار شديد، وقال: رواه الطبراني في «الأوسط» ورجاله ثقات اهـ.
- وانظر «الكشاف» ٧٦٤ و «أحكام القرآن» ١٦١٠ بتخريجي.
١٥٤٣- إسناده صحيح على شرط البخاري.
- النضر هو ابن شميل، إسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، سعد الطائي هو أبو مجاهد.
- وهو في «شرح السنة» ٤١٣٣ بهذا الإسناد.
- وهو في «صحيح البخاري» ٣٥٩٥ عن محمد بن الحكم بهذا الإسناد.
- وأخرجه أحمد ٤/ ٣٧٧- ٣٧٨ وابن حبان ٦٦٧٩ والبيهقي في «الدلائل» ٥/ ٣٤٢ من طريق حماد بن يزيد عن أيوب عن محمد عن أبي عبيدة بن حذيفة عن عدي بن حاتم بنحوه.
- وأخرجه أحمد ٤/ ٢٥٧ والبيهقي ٥/ ٣٤٣ من طريق مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي عبيدة عن رجل عن عدي بنحوه.
(١) تصحف في المطبوع «سعيد الطاهري» .
(٢) تصحف في المطبوع «محمد» .

<<  <  ج: ص:  >  >>