للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ صَرَفَكَ [اللَّهُ] [١] إِلَى قِبْلَةِ إِبْرَاهِيمَ، فَكَيْفَ بِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ مَاتُوا وَهُمْ يُصَلُّونَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ.

يَعْنِي: صَلَاتَكُمْ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ.

قَرَأَ أَهْلُ الْحِجَازِ وَابْنُ عامر وحفص «لرؤوف» مشبعا عَلَى وَزْنِ فَعُولٍ، لِأَنَّ أَكْثَرَ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى فَعُولٍ وَفَعِيلٍ، كَالْغَفُورِ وَالشَّكُورِ [وَالرَّحِيمِ وَالْكَرِيمِ] [٢] وَغَيْرِهَا، وَأَبُو جَعْفَرٍ يُلِينُ الْهَمْزَةَ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالِاخْتِلَاسِ عَلَى وَزْنِ فَعُلٍ، قَالَ جَرِيرٌ:

[تَرَى] [٣] لِلْمُسْلِمِينَ عليك حقا ... كفعل الوالد [٤] الرؤوف الرحيم

والرأفة: أشد الرحمة.

[[سورة البقرة (٢) : آية ١٤٤]]

قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (١٤٤)

قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ، هَذِهِ الْآيَةُ وَإِنْ كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً فِي التِّلَاوَةِ فَهِيَ مُتَقَدِّمَةٌ فِي الْمَعْنَى، فَإِنَّهَا رَأْسُ الْقِصَّةِ، وَأَمْرُ الْقِبْلَةِ أَوَّلُ مَا نُسِخَ مِنْ أُمُورِ الشَّرْعِ، وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يُصَلُّونَ بِمَكَّةَ إِلَى الْكَعْبَةِ فَلَمَّا هَاجَرَ إِلَى المدينة أمره أَنْ يُصَلِّيَ نَحْوَ صَخْرَةِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، لِيَكُونَ أَقْرَبَ إِلَى تَصْدِيقِ الْيَهُودِ إِيَّاهُ إِذَا صَلَّى إِلَى قِبْلَتِهِمْ مَعَ مَا يَجِدُونَ مِنْ نَعْتِهِ فِي التَّوْرَاةِ، فَصَلَّى بَعْدَ الْهِجْرَةِ سِتَّةَ عَشَرَ أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وكان يجب أَنْ يُوَجَّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ لِأَنَّهَا كَانَتْ قِبْلَةَ أَبِيهِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السّلام، ع «٩٦» وَقَالَ مُجَاهِدٌ: كَانَ يُحِبُّ ذَلِكَ من أجل الْيَهُودِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ: يُخَالِفُنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دِينِنَا وَيَتَّبِعُ قِبْلَتَنَا، فَقَالَ لِجِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «وَدِدْتُ لَوْ حَوَّلَنِي اللَّهُ إِلَى الْكَعْبَةِ، فَإِنَّهَا قِبْلَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ» ، فَقَالَ جِبْرِيلُ: إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ مِثْلُكَ وَأَنْتَ كَرِيمٌ عَلَى رَبِّكَ فَسَلْ أَنْتَ رَبَّكَ فَإِنَّكَ عِنْدَ الله عزّ وجلّ بمكان، فعرج جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُدِيمُ النَّظَرَ إِلَى السَّمَاءِ رَجَاءَ أَنْ يَنْزِلَ جِبْرِيلُ بِمَا يُحِبُّ مِنْ أَمْرِ الْقِبْلَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ.

فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً، فَلْنُحَوِّلُنَّكَ إِلَى قِبْلَةٍ تَرْضاها، أَيْ: تُحِبُّهَا وَتَهْوَاهَا، فَوَلِّ، أَيْ: حَوِّلْ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ، أَيْ: نَحْوَهُ، وَأَرَادَ بِهِ الْكَعْبَةَ، وَالْحَرَامُ: الْمُحَرَّمُ، وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ، مِنْ بَرٍّ [أَوْ بَحْرٍ] [٥] شَرْقٍ أَوْ غَرْبٍ: فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ، عند الصلاة.


٩٦- ع ضعيف. أخرجه ابن سعد في «الطبقات» (١/ ١٨٦) من حديث ابن عباس، وفي إسناده الواقدي وهو ضعيف متروك، وقد ذكره الواحدي في «الوسيط» (١/ ٢٢٩) و «الأسباب» بإثر ٧٣ فقال: قال المفسرون ... فذكره.
- وفي الباب من حديث البراء بن عازب عند ابن ماجه ١٠١٠.
قال البوصيري في «الزوائد» : حديث البراء صحيح رجاله ثقات اهـ.
وله علة وهي أن الجماعة رووه بغير هذا السياق، وليس فيه جبريل، ولا مخاطبة رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم له، ولعل الوهن فيه بسبب عنعنة أبي إسحاق السبيعي، فإنه مدلس، وقد عنعن. وشيخ ابن ماجه وهو علقمة بن عمرو صدوق يغرب.
(١) سقط من المطبوع وحده.
(٢) سقط من المخطوط. [.....]
(٣) سقط من المطبوع.
(٤) في المطبوع «الواحد» والمثبت عن «الوسيط» (١/ ٢٢٨) وديوان جرير ٦٠٨.
(٥) العبارة في المطبوع «أو نحو» .

<<  <  ج: ص:  >  >>