للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ، نَزَلَتْ فِي عُلَمَاءِ اليهود [حين] [١] كَتَمُوا صِفَةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآيَةَ الرَّجْمِ وَغَيْرَهُمَا من [سائر] [٢] الْأَحْكَامِ الَّتِي كَانَتْ فِي التَّوْرَاةِ، أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ، وَأَصْلُ اللَّعْنِ الطَّرْدُ وَالْبُعْدُ، وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ، أَيْ: يَسْأَلُونَ اللَّهَ أَنْ يَلْعَنَهُمْ وَيَقُولُونَ: اللَّهُمَّ الْعَنْهُمْ، وَاخْتَلَفُوا فِي هَؤُلَاءِ اللَّاعِنِينَ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: جَمِيعُ الْخَلَائِقِ إِلَّا الْجِنَّ وَالْإِنْسَ، وَقَالَ قَتَادَةُ: هُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَقَالَ عَطَاءٌ: الْجِنُّ وَالْإِنْسُ، وَقَالَ الْحَسَنُ: جَمِيعُ عباد الله، وقال ابْنُ مَسْعُودٍ: مَا تَلَاعَنَ اثْنَانِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا رَجَعَتِ تِلْكَ اللَّعْنَةُ عَلَى [٣] الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الَّذِينَ كَتَمُوا أَمْرَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصِفَتَهُ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: اللَّاعِنُونَ: الْبَهَائِمُ تَلْعَنُ عُصَاةَ بَنِي آدَمَ إِذَا اشْتَدَّتِ السَّنَةُ وَأَمْسَكَ الْمَطَرُ، وَقَالَتْ [٤] : هَذَا مِنْ شُؤْمِ ذُنُوبِ بَنِي آدَمَ، ثُمَّ اسْتَثْنَى فَقَالَ:

إِلَّا الَّذِينَ تابُوا: مِنَ الكفر، وَأَصْلَحُوا: أسلموا أو أصلحوا الْأَعْمَالَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَبِّهِمْ، وَبَيَّنُوا: مَا كَتَمُوا، فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ: أتجاوز عنهم [جميع سيئاتهم] [٥] وَأَقْبَلُ تَوْبَتَهُمْ، وَأَنَا التَّوَّابُ: الرَّجَّاعُ بِقُلُوبِ عِبَادِي الْمُنْصَرِفَةِ عَنِّي إِلَيَّ، الرَّحِيمُ: بِهِمْ بَعْدَ إِقْبَالِهِمْ عَلَيَّ.

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ، أَيْ: لَعْنَةُ الْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، قَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: هَذَا يوم القيامة يوقف الكافر فليعنه اللَّهُ ثُمَّ تَلْعَنُهُ الْمَلَائِكَةُ ثُمَّ يَلْعَنُهُ النَّاسُ، فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ قَالَ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ وَالْمَلْعُونُ هُوَ [٦] مِنْ جُمْلَةِ النَّاسِ، فَكَيْفَ يَلْعَنُ نَفْسَهُ؟ قِيلَ: يَلْعَنُ نَفْسَهُ فِي الْقِيَامَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً [الْعَنْكَبُوتِ: ٢٥] ، وَقِيلَ: إِنَّهُمْ يَلْعَنُونَ الظَّالِمِينَ وَالْكَافِرِينَ، وَمَنْ يَلْعَنُ الظَّالِمِينَ وَالْكَافِرِينَ وَهُوَ مِنْهُمْ فَقَدْ لَعَنَ نَفْسَهُ.

خالِدِينَ فِيها مُقِيمِينَ فِي اللَّعْنَةِ وَقِيلَ فِي النَّارِ، لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ لَا يُمْهَلُونَ وَلَا يُؤَجَّلُونَ، وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: لَا يُنْظَرُونَ فَيَعْتَذِرُوا كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (٣٦) [الْمُرْسَلَاتِ: ٣٦] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (١٦٣) ، سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ أَنَّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ قَالُوا: يَا مُحَمَّدُ صِفْ لَنَا رَبَّكَ وَانْسُبْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ وَسُورَةَ الْإِخْلَاصِ، وَالْوَاحِدُ:

الَّذِي لَا نَظِيرَ لَهُ وَلَا شَرِيكَ لَهُ.

«١١٩» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَحْمَدَ الْمَلِيحِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ السَّمْعَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أبو جعفر


١١٩- إسناده لين، عبيد الله بن أبي زياد، غير قوي قال أحمد: صالح الحديث، وقال النسائي: ليس بقوي، وقال مرة: ليس به بأس، وفي رواية ثالثة: ليس بثقة. وقال يحيى: ضعيف، وقال القطان: كان وسطا، لم يكن بذاك، وفيه شهر بن حوشب، كثير الإرسال والتدليس، لكن رواياته عن أسماء مقبولة.
١ زيادة عن المخطوط.
٢ زيادة عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «عن» .
(٤) في المخطوط «وقال» .
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) في المخطوط «نفسه» بدل «هو» .

<<  <  ج: ص:  >  >>