للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مُحَمَّدُ بْنُ زَكَرِيَّا الْعُذَافِرِيُّ أَنَا إسحاق بن إبراهيم الدَّبْرِيُّ ثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ [عَنْ] [١] ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَسُبُّ أَحَدُكُمُ الدَّهْرَ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الدَّهْرُ، وَلَا يَقُولَنَّ لِلْعِنَبِ الْكَرْمُ، فَإِنَّ الْكَرْمَ هُوَ الرَّجُلُ الْمُسْلِمُ» .

وَمَعْنَى الْحَدِيثِ: أَنَّ الْعَرَبَ كَانَ مِنْ شَأْنِهِمْ ذَمُّ الدَّهْرِ، وَسَبِّهِ عِنْدَ النَّوَازِلِ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَنْسُبُونَ إِلَيْهِ مَا يُصِيبُهُمْ مِنَ الْمَصَائِبِ وَالْمَكَارِهِ، فَيَقُولُونَ: أَصَابَتْهُمْ قَوَارِعُ الدَّهْرِ، وَأَبَادَهُمُ الدَّهْرِ.

كَمَا أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ: وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ فَإِذَا أَضَافُوا إِلَى الدَّهْرِ مَا نَالَهُمْ مِنَ الشدائد سبو فاعلها، وكان مَرْجِعُ سَبِّهِمْ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، إِذْ هُوَ الْفَاعِلُ فِي الْحَقِيقَةِ لِلْأُمُورِ الَّتِي يُضِيفُونَهَا إِلَى الدَّهْرِ، فَنُهُوا عَنْ سَبِّ الدَّهْرِ.

وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ مَا كانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتُوا بِآبائِنا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٥) قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ، أَيْ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، لَا رَيْبَ فِيهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَخْسَرُ الْمُبْطِلُونَ (٢٧) ، يَعْنِي الْكَافِرِينَ الَّذِينَ هُمْ أَصْحَابُ الْأَبَاطِيلِ، يَظْهَرُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ خُسْرَانُهُمْ بِأَنْ يَصِيرُوا إلى النار.

[[سورة الجاثية (٤٥) : الآيات ٢٨ الى ٣٢]]

وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٨) هَذَا كِتابُنا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٩) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ (٣٠) وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ (٣١) وَإِذا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيها قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَاّ ظَنًّا وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (٣٢)

وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً، بَارِكَةً عَلَى الرُّكَبِ وَهِيَ جِلْسَةُ الْمُخَاصِمِ بَيْنَ يَدَيِ الْحَاكِمِ يَنْتَظِرُ الْقَضَاءَ من الله.

قَالَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ: إِنَّ فِي الْقِيَامَةِ سَاعَةٌ هِيَ عَشْرُ سِنِينَ يَخِرُّ النَّاسُ فِيهَا جُثَاةً عَلَى رُكَبِهِمْ حَتَّى إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُنَادِي رَبَّهُ لَا أَسْأَلُكَ إِلَّا نَفْسِي. كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا

، الَّذِي فِيهِ أَعْمَالُهَا، وَقَرَأَ يعقوب كُلَّ أُمَّةٍ بالنصب، وَيُقَالُ لَهُمُ، الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.

هَذَا كِتابُنا، يَعْنِي دِيوَانَ الْحَفَظَةِ، يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ، يَشْهَدُ عَلَيْكُمْ ببيان شاف، كأنه [٢] يَنْطِقُ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ. إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.

هَذَا كِتابُنا، يَعْنِي دِيوَانَ الْحَفَظَةِ، يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ، يَشْهَدُ عَلَيْكُمْ ببيان شاف، كأنه يَنْطِقُ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ. إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، أَيْ نَأْمُرُ الْمَلَائِكَةَ بِنَسْخِ أَعْمَالِكُمْ، أَيْ بِكَتْبِهَا وَإِثْبَاتِهَا عليكم. وقيل: تستنسخ أَيْ نَأْخُذُ نُسْخَتَهُ [٣] وَذَلِكَ أَنَّ الملكين يرفعان عمل


- وهو في «شرح السنة» ٣٢٨١ بهذا الإسناد.
- وهو في «مصنف عبد الرزاق» ٢٠٩٣٧ عن معمر به.
- وأخرجه مسلم ٢٢٤٧ وأحمد ٢/ ٢٧٢ من طريق عبد الرزاق به.
- وأخرجه مسلم ٢٢٤٦ ح ٥ والبيهقي ٣/ ٣٦٥ من طريق هشام عن ابن سيرين به دون عجزه «ولا يقولن للعنب ... » .
(١) زيادة عن المخطوط و «شرح السنة» .
(٢) في المطبوع «فكأنه» والمثبت عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «نسخة» والمثبت عن المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>