للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَحْكُمُونَ، وَالْكِتَابُ الْحُكْمُ.

«٢٠٣٨» قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ تَخَاصَمَا إِلَيْهِ: «أَقْضِي بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ» .

أَيْ بِحُكْمِ اللَّهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَعْنَاهُ أَمْ عِنْدَهُمُ اللَّوْحُ الْمَحْفُوظُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ مَا فِيهِ وَيُخْبِرُونَ النَّاسَ بِهِ؟

أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً، مَكْرًا بِكَ لِيُهْلِكُوكَ، فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ، أَيْ هُمُ الْمَجْزِيُّونَ بِكَيْدِهِمْ يُرِيدُ أَنَّ ضَرَرَ ذَلِكَ يَعُودُ عَلَيْهِمْ، وَيَحِيقُ مَكْرُهُمْ بِهِمْ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ مَكَرُوا بِهِ فِي دَارِ النَّدْوَةِ فَقُتِلُوا بِبَدْرٍ.

أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ، يَرْزُقُهُمْ وَيَنْصُرُهُمْ، سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ، قَالَ الْخَلِيلُ: مَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنْ ذكر أم كلمة اسْتِفْهَامٌ وَلَيْسَ بِعَطْفٍ.

وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً، قِطْعَةً، مِنَ السَّماءِ ساقِطاً، هَذَا جَوَابٌ لِقَوْلِهِمْ: فَأَسْقِطْ عَلَيْنا كِسَفاً مِنَ السَّماءِ، يَقُولُ: لَوْ عَذَّبْنَاهُمْ بِسُقُوطِ بَعْضٍ مِنَ السَّمَاءِ عَلَيْهِمْ لَمْ يَنْتَهُوا عَنْ كُفْرِهِمْ، يَقُولُوا، لِمُعَانَدَتِهِمْ هَذَا، سَحابٌ مَرْكُومٌ، بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ يَسْقِينَا.

فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا، يعاينوا، يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ، يموتون، أي حتى يعاينوا الْمَوْتَ، قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ يُصْعَقُونَ بِضَمِّ الْيَاءِ أَيْ يُهْلَكُونَ.

[[سورة الطور (٥٢) : الآيات ٤٦ الى ٤٨]]

يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٦) وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٤٧) وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ (٤٨)

يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٦) ، أَيْ لَا يَنْفَعُهُمْ كَيْدُهُمْ يَوْمَ الْمَوْتِ وَلَا يَمْنَعُهُمْ مِنَ الْعَذَابِ مَانِعٌ.

وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا، كَفَرُوا، عَذاباً دُونَ ذلِكَ، أَيْ عَذَابًا فِي الدُّنْيَا قَبْلَ عَذَابِ الْآخِرَةِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي الْقَتْلَ يَوْمَ بَدْرٍ وَقَالَ الضَّحَّاكُ [١] : هُوَ الْجُوعُ وَالْقَحْطُ سَبْعَ سِنِينَ. وَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ:

هُوَ عَذَابُ الْقَبْرِ. وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ، أَنَّ الْعَذَابَ نَازِلٌ بِهِمْ.

وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ، إِلَى أَنْ يَقَعَ بِهِمُ الْعَذَابُ الَّذِي حَكَمْنَا عَلَيْهِمْ، فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا، أَيْ بِمَرْأًى مِنَّا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَرَى مَا يُعْمَلُ بك. وقال الزجاج: معناه إِنَّكَ بِحَيْثُ نَرَاكَ وَنَحْفَظُكَ فَلَا يَصِلُونَ إِلَى مَكْرُوهِكَ. وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ، قَالَ سَعِيدُ بن جبير الضحاك [٢] : أَيْ قُلْ حِينَ تَقُومُ مِنْ مَجْلِسِكَ:

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، فَإِنْ كَانَ الْمَجْلِسُ خَيْرًا ازْدَدْتَ فِيهِ إِحْسَانًا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ كَانَ كَفَّارَةً لَهُ.

«٢٠٣٩» أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ الْقَفَّالُ أَنَا أَبُو مَنْصُورٍ أَحْمَدُ بْنُ الفضل


٢٠٣٨- تقدم تخريجه.
٢٠٣٩- صحيح بشواهده. إسناده حسن، رجاله ثقات، إلا أن البخاري أعله بأن وهيبا رواه عن ابن عون- أي لم يرفعه- وبأنه لم يثبت سماع موسى بن عقبة من سهيل.
- قلت: وغاية ما فيه ضعف الحديث، وعدم ثبوت سماع موسى هو على مذهب البخاري علة، أما على مذهب مسلم فليس بعلة إذا كان الراوي ثقة، ولم يكن مدلسا، ومع ذلك فللحديث شواهد يصح بها.-
(١) في المطبوع «مجاهد» .
(٢) في المطبوع «عطاء» والمثبت عن «تفسير الطبري» .

<<  <  ج: ص:  >  >>