للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النُّطْقَ وَالْكِتَابَةَ وَالْفَهْمَ وَالْإِفْهَامَ حَتَّى عَرَفَ مَا يَقُولُ وَمَا يُقَالُ لَهُ، هَذَا قَوْلُ أَبِي الْعَالِيَةِ وَابْنِ زَيْدٍ وَالْحَسَنِ وَقَالَ السُّدِّيُّ: عَلَّمَ كُلَّ قَوْمٍ لِسَانَهُمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُونَ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: خَلَقَ الْإِنْسانَ (٣) يَعْنِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ (٤) يَعْنِي بَيَانَ مَا كَانَ وَمَا يَكُونُ لِأَنَّهُ كَانَ يُبِينُ عَنِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ وَعَنْ يَوْمِ الدِّينِ.

[[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٥ الى ١١]]

الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ (٥) وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ (٦) وَالسَّماءَ رَفَعَها وَوَضَعَ الْمِيزانَ (٧) أَلَاّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ (٨) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ (٩)

وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ (١٠) فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ (١١)

الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ (٥) ، قَالَ مُجَاهِدٌ: كَحُسْبَانِ الرَّحَى يدوران في مثل قطب الرحا، قال غيره: معناه أَيْ يَجْرِيَانِ بِحِسَابٍ وَمَنَازِلَ لَا يَعْدُوَانِهَا [١] ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وقَتَادَةُ وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ وَابْنُ كَيْسَانَ:

يعني [أن] [٢] بهما تحسب الأوقات والآجال ولولا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَمْ يَدْرِ أَحَدٌ كَيْفَ [يَحْسِبُ] [٣] شَيْئًا. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: يَجْرِيَانِ بِقَدَرٍ، وَالْحُسْبَانُ يَكُونُ مَصْدَرُ حَسَبْتُ حِسَابًا وَحُسْبَانًا مِثْلُ الْغُفْرَانِ وَالْكُفْرَانِ وَالرُّجْحَانِ وَالنُّقْصَانِ، وقد يكون «الحسبان» جمعا [٤] كَالشُّبْهَانِ وَالرُّكْبَانِ.

وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ (٦) ، النَّجْمُ مَا لَيْسَ لَهُ سَاقٌ مِنَ النَّبَاتِ، وَالشَّجَرُ مَا لَهُ سَاقٌ يَبْقَى فِي الشِّتَاءِ، وَسُجُودُهُمَا سجود ظلهما كما قال: يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ [النحل: ٤٨] وقال مُجَاهِدٌ: النَّجْمُ هُوَ الْكَوْكَبُ وَسُجُودُهُ طُلُوعُهُ.

وَالسَّماءَ رَفَعَها، فَوْقَ الْأَرْضِ، وَوَضَعَ الْمِيزانَ، قَالَ مُجَاهِدٌ: أَرَادَ بالميزان العدل [والإنصاف و] [٥] الْمَعْنَى أَنَّهُ أَمَرَ بِالْعَدْلِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى.

أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ (٨) ، أَيْ لَا تُجَاوِزُوا الْعَدْلَ. وَقَالَ الْحَسَنُ وقَتَادَةُ وَالضَّحَّاكُ: أَرَادَ بِهِ الَّذِي يُوزَنُ بِهِ لِيُوصَلَ بِهِ إِلَى الْإِنْصَافِ وَالِانْتِصَافِ، وأصل الوزن التقدير [قوله] [٦] «أَلَّا تَطْغَوْا» يَعْنِي لِئَلَّا تَمِيلُوا وَتَظْلِمُوا وَتُجَاوِزُوا الْحَقَّ فِي الْمِيزَانِ.

وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ، بِالْعَدْلِ، وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَعَطَاءٌ: مَعْنَاهُ أَقِيمُوا لسان الميزان بالعدل.

قال [سفيان] بن عُيَيْنَةَ: الْإِقَامَةُ بِالْيَدِ وَالْقِسْطُ بِالْقَلْبِ، وَلا تُخْسِرُوا، وَلَا تَنْقُصُوا الْمِيزانَ، وَلَا تُطَفِّفُوا فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ.

وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ (١٠) ، لِلْخَلْقِ الَّذِينَ بَثَّهُمْ فِيهَا.

فِيها فاكِهَةٌ، يَعْنِي أَنْوَاعَ الْفَوَاكِهِ، قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: [يَعْنِي] مَا يَتَفَكَّهُونَ بِهِ مِنَ النِّعَمِ الَّتِي لَا تُحْصَى، وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ الْأَوْعِيَةُ الَّتِي يَكُونُ فيها التمر لأن تمر النَّخْلِ يَكُونُ فِي غِلَافٍ مَا لَمْ يَنْشَقَّ، وَاحِدُهَا كِمٌّ، وَكُلُّ مَا سَتَرَ شَيْئًا فَهُوَ كِمٌّ، وَكِمَّةٌ، وَمِنْهُ كُمُّ الْقَمِيصِ، وَيُقَالُ لِلْقَلَنْسُوَةِ كُمَّةٌ.

قَالَ الضَّحَّاكُ: ذَاتُ الْأَكْمَامِ أَيْ ذَاتُ الْغُلُفِ. وَقَالَ الحسن: أكمامها ليفها. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: هُوَ الطَّلْعُ قبل أن ينفتق [٧] .


(١) في المخطوط «يعدونها» .
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) في المطبوع «يحب» والمثبت عن المخطوط.
(٤) في المطبوع «جم الحساب» والمثبت عن المخطوط.
(٥) زيادة عن المخطوط.
(٦) زيادة عن المخطوط.
(٧) في المخطوط «ينشق» .

<<  <  ج: ص:  >  >>