للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

مَاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَالْأُخْرَى مَنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ.

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥١) فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ (٥٢) ، صِنْفَانِ وَنَوْعَانِ، قِيلَ: مَعْنَاهُ إِنَّ فِيهِمَا مِنْ كُلِّ مَا يُتَفَكَّهُ بِهِ ضَرْبَيْنِ رَطْبًا وَيَابِسًا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا فِي الدُّنْيَا ثَمَرَةٌ حُلْوَةٌ وَلَا مُرَّةٌ إِلَّا وَهِيَ فِي الْجَنَّةِ حَتَّى الْحَنْظَلُ إِلَّا أَنَّهُ حُلْوٌ.

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٣) مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ، جَمْعُ فِرَاشٍ، بَطائِنُها، جَمْعُ بِطَانَةٍ وَهِيَ الَّتِي تَحْتَ الظِّهَارَةِ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: وَهِيَ مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ. مِنْ إِسْتَبْرَقٍ، وَهُوَ مَا غَلُظَ مِنَ الدِّيبَاجِ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ: هَذِهِ الْبَطَائِنُ فَمَا ظَنَّكُمْ بِالظَّوَاهِرِ؟ وَقِيلَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: الْبَطَائِنُ مِنْ إِسْتَبْرَقٍ فَمَا الظَّوَاهِرُ؟

قَالَ: هَذَا مِمَّا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ [السَّجْدَةِ: ١٧] ، وَعَنْهُ أَيْضًا قَالَ:

بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ فَظَوَاهِرُهَا مِنْ نُورٍ جَامِدٍ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَصَفَ الْبَطَائِنَ وَتَرَكَ الظَّوَاهِرَ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَرْضِ أَحَدٌ يَعْرِفُ مَا الظَّوَاهِرُ.

وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ، الْجَنَى مَا يجتنى من الثمار، يريد ثمرهما دَانٍ قَرِيبٌ يَنَالُهُ الْقَائِمُ وَالْقَاعِدُ وَالنَّائِمُ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: تَدْنُو الشجرة حتى يجتنبها وَلِيُّ اللَّهِ إِنْ شَاءَ قَائِمًا وَإِنْ شَاءَ قَاعِدًا. قَالَ قَتَادَةُ: لَا يَرُدُّ أَيْدِيَهُمْ عَنْهَا بُعْدٌ ولا شوك.

[سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٥٥ إِلَيَّ ٥٨]

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٥) فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٥٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٧) كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ (٥٨)

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٥) فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ، غَاضَّاتُ الْأَعْيُنِ، قَصَرْنَ طَرْفَهُنَّ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ لَا يَنْظُرْنَ إِلَى غَيْرِهِمْ وَلَا يُرِدْنَ غَيْرَهُمْ. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: تَقُولُ لِزَوْجِهَا وَعِزَّةِ رَبِّي مَا أَرَى فِي الْجَنَّةِ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْكَ، فَالْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَكَ زَوْجِي وجعلني زوجك [١] . لَمْ يَطْمِثْهُنَّ لم يجامعن وَلِمَ يَفْتَرِعْهُنَّ [٢] ، وَأَصْلُهُ مِنَ الطَّمْثِ وَهُوَ الدَّمُ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْحَائِضِ طامث، كأنه قال لم يدمهن بِالْجِمَاعِ، إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ، قَالَ الزَّجَّاجُ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجِنِّيَّ يَغْشَى كَمَا يَغْشَى الْإِنْسِيُّ. قَالَ مُجَاهِدٌ: إِذَا جَامِعَ الرَّجُلُ وَلَمْ يُسَمِّ انْطَوَى الْجَانُّ عَلَى إِحْلِيلِهِ فَجَامَعَ مَعَهُ. قَالَ مُقَاتِلٌ فِي قَوْلِهِ: لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ: لِأَنَّهُنَّ خُلِقْنَ [٣] فِي الْجَنَّةِ. فَعَلَى قَوْلِهِ هؤلاء من حور الجنة.

قال الشَّعْبِيُّ: هُنَّ مِنْ نِسَاءِ الدُّنْيَا لَمْ يُمْسَسْنَ مُنْذُ أُنْشِئْنَ خَلْقًا، وَهُوَ قَوْلُ الْكَلْبِيِّ يَعْنِي لَمْ يُجَامِعْهُنَّ فِي هَذَا الْخَلْقِ الَّذِي أُنْشِئْنَ فِيهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ. وَقَرَأَ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ: لَا يَطْمُثْهُنَّ بِضَمِّ الْمِيمِ فِيهِمَا، وَقَرَأَ الْكِسَائِيُّ إِحْدَاهُمَا بِالضَّمِّ فَإِنْ كَسَرَ الْأُولَى ضَمَّ الثَّانِيَةَ وَإِنْ ضَمَّ الْأُولَى كَسَرَ الثَّانِيَةَ.

لِمَا رَوَى أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ قَالَ: كُنْتُ أُصَلِّي خَلْفَ أَصْحَابِ عَلِيٍّ رَضِيَ الله عنه فأسمعهم يقرؤون


(١) في المطبوع «زوجتك» والمثبت عن المخطوط.
(٢) في المطبوع «يفرعهن» والمثبت عن المخطوط (ب) .
- ويقال: طمثت ويطمث وطمثت الجارية: إذا افترعتها. والافتراع: إزالة البكارة.
- وفي المخطوط (أ) «يفتضهن» والافتضاض بمعنى الافتراع.
(٣) في المطبوع «خلقهن» والمثبت عن المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>