للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جَمِيعِهَا رَصَداً أَيْ يَجْعَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَخَلْفَهُ حَفَظَةً مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَحْفَظُونَهُ مِنَ الشَّيَاطِينِ أَنْ يَسْتَرِقُوا السَّمْعَ، وَمِنَ الْجِنِّ أَنْ يَسْتَمِعُوا الْوَحْيَ فَيُلْقُوا إِلَى الْكَهَنَةِ. قَالَ مُقَاتِلٌ وَغَيْرُهُ: كَانَ اللَّهُ إِذَا بَعَثَ رَسُولًا أَتَاهُ إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ مَلَكٍ يُخْبِرُهُ فَيَبْعَثُ اللَّهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمَنْ خَلْفِهِ رَصَدًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَحْرُسُونَهُ وَيَطْرُدُونَ الشَّيَاطِينَ، فَإِذَا جَاءَهُ شَيْطَانٌ فِي صُورَةِ مَلَكٍ أَخْبَرُوهُ بِأَنَّهُ شَيْطَانٌ، فَاحْذَرْهُ وَإِذَا جَاءَهُ مَلَكٌ قَالُوا له: هذا رسول ربك.

[[سورة الجن (٧٢) : آية ٢٨]]

لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً (٢٨)

لِيَعْلَمَ، قَرَأَ يَعْقُوبُ لِيُعْلَمَ بِضَمِّ الْيَاءِ أَيْ لِيَعْلَمَ النَّاسُ، أَنْ الرُّسُلَ، قَدْ أَبْلَغُوا، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ لَيَعْلَمَ الرَّسُولُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ قَدْ أَبْلَغُوا، رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ، أَيْ عَلِمَ اللَّهُ مَا عِنْدَ الرُّسُلِ فَلَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَحْصَى مَا خَلَقَ وَعَرَفَ عَدَدَ مَا خَلَقَ فَلَمْ يَفُتْهُ عِلْمُ شَيْءٍ حَتَّى مَثَاقِيلِ الذَّرِّ وَالْخَرْدَلِ، وَنُصِبَ عَدَداً عَلَى الْحَالِ، وَإِنْ شِئْتَ عَلَى الْمَصْدَرِ، أَيْ عدّ عددا.

[سورة المزمل]

مكية [وهي عشرون آية] [١]

[[سورة المزمل (٧٣) : الآيات ١ الى ٣]]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلَاّ قَلِيلاً (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (٣)

يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) ، أي الملتف بِثَوْبِهِ، وَأَصْلُهُ الْمُتَزَمِّلُ أُدْغِمَتِ التَّاءُ في الزاي، ومثله المدثر أُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الدَّالِ، يُقَالُ: تَزَمَّلَ وَتَدَثَّرَ بِثَوْبِهِ إِذَا تَغَطَّى بِهِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: أَرَادَ يَا أَيُّهَا النَّائِمُ قُمْ فَصَلِّ.

قَالَ الْعُلَمَاءُ: كَانَ هَذَا الْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ الْوَحْيِ قَبْلَ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ ثُمَّ خُوطِبَ بَعْدُ بِالنَّبِيِّ وَالرَّسُولِ.

قُمِ اللَّيْلَ، أَيْ لِلصَّلَاةِ، إِلَّا قَلِيلًا، وَكَانَ قِيَامُ اللَّيْلِ فَرِيضَةً في الابتداء ثم بين قَدْرَهُ فَقَالَ:

نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣) ، إلى الثلث.

[[سورة المزمل (٧٣) : آية ٤]]

أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (٤)

أَوْ زِدْ عَلَيْهِ، عَلَى النِّصْفِ إِلَى الثُّلُثَيْنِ، خَيَّرَهُ بَيْنَ هَذِهِ المنازل، فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يَقُومُونَ عَلَى هَذِهِ الْمَقَادِيرِ، وَكَانَ الرَّجُلُ لَا يَدْرِي متى ثلث الليل ومتى النصف ومتى الثلثان، فكان يَقُومُ حَتَّى يُصْبِحَ مَخَافَةَ أَنْ لَا يَحْفَظَ الْقَدْرَ الْوَاجِبَ، وَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ فَرَحِمَهُمُ اللَّهُ وَخَفَّفَ عَنْهُمْ وَنَسَخَهَا بقوله: فَاقْرَؤُا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى [المزمل: ٢٠] الْآيَةَ، فَكَانَ بَيْنَ أَوَّلِ السُّورَةِ وآخرها سنة.


(١) زيد في المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>